fbpx
الجنوب ليست الأنبار أو حلب يا ولد شيخ!

 
وما زال حديثنا عنك أيها المبعوث الأممي النزيه، فكل مرة تأتي لنا بشيء جديد يثير الحيرة والغرابة ويصدم المتابع للشأن اليمني من هذا التخبط لمندوب أممي كان حريا به إن يتحرك وفق ما يمليه عليه ضميره قبل كل شيء، والعمل على تطبيق كل القرارات الإلزامية التي تضمنتها المبادرات الأممية دون تسويف أو مماطلة.
ورقة القاعدة التي رفعها الحوثي يراد لها أن لا تسقط وتختفي من الساحة الجنوبية، بعد إن أثبت الشعب الجنوبي ومقاومته رفضهم للتطرف ومحاربة الفكر الدخيل وأكد الواقع حقيقة ذلك.
فالجنوب لا توجد فيه حواضن حقيقية ومرجعيات كبيرة للجماعات المتطرفة بل إنه يمتلك قسطا كبيرا من الوعي الديني الوسطي ويسعى لقيام دولة المواطنة والمؤسسات .
إن إصرار ولد الشيخ والتلويح بورقة القاعدة في الجنوب لها أبعاد سياسية خطيرة على العملية برمتها ومستقبل المنطقة بالكامل، وسبق وتحدثنا في أكثر من مقال ومنشور عن خطر الوهم الإرهابي المبالغ فيه وإتهام الجنوب بإنه مأوى لهذه الجماعات المسلحة والمتطرفة، لكن لو نظرنا للواقع الجنوبي لوجدنا فيه نشاط أمني كبير وعودة الحياة إلى سابق عهدها قبل الإنقلاب وإجتياح العاصمة عدن، وحيث قامت قوات الأمن التابعة للشرعية والداخلية والحزام الأمني في تعقب وملاحقة بعض البؤر الصغيرة من الجماعات المتطرفة والقضاء عليها بشكل نهائي، ولكن أغلب العمليات التي حصلت معنا في عدن ولحج وأبين تحمل الطابع المخابراتي ! والا لماذا ضربت الخارجية في عدن وهي خاوية على عروشها ولا يوجد بها أي موظف ؟ ولماذا ضربت الكنائس التي حافظ عليها أبناء عدن من عقود طويلة، ودار العجزة والمسنين واستهداف مؤخرا للبنك المركزي الضيف الثقيل على أهل عدن؟! بينما نلاحظ الهدوء التام في العاصمة صنعاء ولم نرى عملية واحدة ضد المصالح الأجنبية المنتشرة في صنعاء من سفارات وملحقات أجنبية وشركات ومعاهد وبنوك وغيرها !.
إن المهتم بالشأن اليمني وخاصة الجنوبي يدرك إن جهاز مخابرات الدولة العميقة هو من ينشط في هذه المحافظات المحررة والهدف هو إحراج الشرعية والتحالف العربي وتصدير الأزمة اليمنية برمتها إلى الجنوب خاصة وتدويل للقضية تحت بند مكافحة الإرهاب بدلا من إسقاط الإنقلاب وعودة الشرعية المعترف بها عالميا .
مثل هذه المواقف إن كانت من نظام عفاش يمكن أن يقبلها العقلاء بحكم الصراع المحتدم بين الشرعية والإنقلابيين ولكن الذي لا نفهمه ولا نقبله هو موقف ولد الشيخ وإصراره على وصم الجنوب بالإرهاب دون وجه حق، وبدلا من توجيه شكره وامتنانه للجنوبيين والمقاومة الجنوبية لما تحققه من إعادة الأمن وتثبيت النظام والقانون ومحاربة الفساد والإرهاب وبناء المؤسسات وكادت الأمور أن تصل إلى وضع الإستقرار الكامل فإذا بالمبعوث الأممي يعيدنا إلى المربع الأول، وجعل القاعدة وداعش ورقة ضغط ترفع في وجه الشرعية وإحراجا للتحالف العربي الذي يواجه المشروع الحوثي الإيراني في المنطقة .
إن تحويل القضية في اليمن وتصويره بالصراع بين الدولة والقاعدة توصيف خاطيء وغير صحيح! بل إن المشكلة الجوهرية هي في الإنقلاب العسكري والقبلي الذي قام به عفاش بتحالفه مع الحوثي وإسقاط الرئيس الشرعي واحتجازه، وتعطيل العمل بالدستور ومخرجات الحوار الوطني وتجميد المبادرة الخليجية كمرجعية توافق عليها الكثير من الأطراف.
إن المراهنة على تحويل الجنوب مثل مناطق الأنبار في العراق أو حلب في سوريا يراد منه تغيير المسار وحجب أنظار العالم عن المشكلة الحقيقية التي تسبب بها عفاش ونظامه من جرائم، وجعل من الجنوب السني تشابه بمناطق السنة في العراق وسوريا يسهل تدميره ومحاربته تحت ذريعة مكافحة القاعدة وداعش ، لذلك نرى ولد الشيخ ومن يقف خلفه من القوى الكبرى في العالم مصرين ومتمسكين بعصاء القاعدة من أجل رفعها في وجه الجنوبيين والشرعية والتحالف العربي.