يموت شيوخ تهامة و تموت نساء تهامة وأطفال تهامة من الجوع ، وهل هناك ماهو أقسى وهل هناك ماهو أمر وأدهى على النفس من الموت جوعا .
هل هناك ماهو انكأ على القلب من أن يموت طفلك بين يديك أو أقرب مقربيك وأنت لا تستطيع ان تمنحهم مايبقيهم على قيد الحياة ولو في صورة هيكل عظمي.
ما يحدث في تهامة من مآس في مضمونه إدانة صارخة لكل من أشاع الظلم والفساد في هذه الأرض ،وفي مقدمتهم أولئك اللصوص الذين نهبوا تهامة وتاجروا بخيراتها ،وعاثوا بأرضها ظلما ،جففوا ينابيع وديانها ويبسوا بساتينها الخضراء حتى غدت قاحلة.
ما تعيشه تهامه هو العيب الأسود ذاته ، وهل هناك من عيب أكثر سوادا من ان تموت الناس جوعا على أرض تزينها البساتين الوارفة الظلال ومزارع الحبوب والخضار والفواكه التي تكفي لإشباع وإمتاع كل العرب.
لأول مرة تبدو تهامة اليوم متمردة غاضبة وهي تلعن ناهبيها ، بعد سنوات من نهبها ،لكنه غضب لا ملمح له و لعنات صامتة ،لا حراك فيها فقد شل الجوع قدرة هؤلاء المساكين على الحركة وعلى الغضب في وجه قاتليهم ظلما وجوعا .
لأول مرة تبدو تهامة البسيطة الخاضعة المستسلمة ،ساخطة على حكامها قديمهم وجديدهم ،إنها تلعنهم بتلك الأجساد المنهكة جوعا وفقرا .
في تهامة السلى لم تعد الناس تغني عن الحب وعن طاير أمغرب بل غدت تشكو البلى والوباء وتردد بصوت متهدج
ومقلب لاكدن (جوع )
ناخوك ماها تساويْ
دايم زماني وأنا بين امجفا ومغلايب
ما ذقت طعم امسعادة .

 
تهامة اليوم تلعنكم أيها الساسة ،تلعنكم أيها اللصوص
وتستنجد بكم ياذوو القلوب الرحيمة فأغيثوها
تهامة مأساة إنسانية ،يخجل الإعلام الفاسد والمرتعش من سطوة الحكام من نقلها للعالم.
سلامي واعتذاري تهامة وكان الله في عونك