fbpx
نريد جنوبا موحدا يا فخامة الرئيس..!

 

كثر الحديث هذه الأيام حول إعلان الدولة الإتحادية، بعد إنتهاء عقد الوحدة اليمنية والتجربة الفاشلة التي أسسها نظام عفاش مع الحزب الإشتراكي اليمني مطلع التسعينيات من القرن الماضي، فبعد وحدة دامت قرابة عقدين ونيف من الزمن، لم يخرج منها الشعب اليمني شمالا وجنوبا الا بالحروب والدمار والتخلف والفقر والفساد، حتى أصبحت اليمن مقياسا لكل قبيح على وجه الأرض!، بل صار الإنسان اليمني يضرب به المثال للتخلف في كل بلدان العالم وخاصة عالمنا العربي، وحتى معاملة الآخرين لنا ونظرتهم للإنسان اليمني فيها قصور ونفور ومجلبة للعار عند البعض، هذه حقائق أتكلم عنها من باب تجربة ومعايشة، ويجب إن نخرج قليلا من وهم التأريخ والثناء والمدح الذي إعتدناه على سماعه، فالعالم الحر وشعوب العالم لم تعد تنظر للإنسان حسب تاريخه قبل الفي عام، بل إن مقياس الناس هو التعليم والإنتاج والحريات والمستوى الإقتصادي والصناعي المتطور، لذا فالإنسان اليمني ومنذ تحقيق الوحدة اليمنية تراجع كثيرا في جميع مجالات الحياة، وانحسر كثيرا، حتى وصلنا إلى مرحلة المجاعة والفقر واللادولة، من يتحمل كل هذه المصائب الا من حكم البلاد وكان واليا عليها، إن الوحدة اليمنية كانت طيفا عابرا لكل وحدوي وقومي حقيقي، كانت حلما جميلا يعانق الأحرار، لم نكن نعلم إنها كانت الفاجعة التي حلت علينا، لم يعد من الوحدة الا أطلال تكسرت واندثرت معالمها، لم يعد من الوحدة الا العلم الذي نرفعه فوق السفارات والمرافق الحكومية السيادية اما على الواقع وعند المواطن البسيط فقد رفعت أعلام أخرى، لم يعد من الوحدة الا نشيد جميل كان ذات يوما يطربنا سماعه، بل ما زلت أتذكر وأنا طفل صغير عندما سمعنا ولأول مرة ذلك النشيد في الطابور الصباحي ليجهش الطلاب والأساتذة بالبكاء، هذا هو ما تبقى من الوحدة، أما الأمور الأخرى فلم نرى الا مدن دمرت بالكامل وشعب مشرد في بلاد العالم في البحار وفي المنافذ الحدودية، لم نرى منها الا فقرا مدقعا اجتاح البلاد شمالا وجنوبا، لم نرى منها الا مدارس وجامعات مغلقة تبكي على ضياع العلم والمعرفة، لم يتبق منها الا بشر في حالة يرثى لها بين شحوب ونحول وفقر وجوع، وكثير هي المآسي والأحزان التي لن تمتسح من الذاكرة اليمنية والجنوبية خاصة.
هذه الأيام نسمع القوم يتهامسون ويعملون بصمت من أجل إعلان الدولة اليمنية الإتحادية، وبذلك ندخل مرحلة التجربة الثانية للإنسان اليمني المسكين والمغلوب على أمره، الدولة الإتحادية تعتبر مخرجا حقيقيا وحلا وسطا ولكن عندما تكون وفق إرادة شعبية لهذه الأقاليم وبعد أخذ قسطا كبيرا من التفكير والمراجعات لكل إقليم، أخطاء الوحدة والتي كانت مجرد نزوة مراهقين ورغبة أوهام قومية فشلت في معقلها بعد الوحدة السورية المصرية، فحاول هؤلاء المراهقين إن يطبقوا الوحدة بين الشمال والجنوب من دون دراسة حقيقية مستفيضة وتصور واضح وبدون إستفتاء بين الشعبين، فلا نريد للفيدرالية إن تكون تجربة اخرى وبعد اربع سنوات سوف نرى حروب وتصادم بين الأقاليم الناشئة، إن الحل الأنسب للشعبين الشمالي والجنوبي هو دولة إتحادية من إقليمين شمالي وجنوبي بحدود عام 90م وتكون مرحلة إنتقالية لمدة خمس سنوات يتم فيها الإستفتاء الشعبي ليقول كلمته، أما إن نقسم الجنوب بين شرق وغرب والرفاق ذهبوا للوحدة تحت راية دولة موحدة معترف بها في كل العالم، فنعتبر ذلك هو تكريس للإنقسام الجنوبي، والقفز فوق إرادة الناس، وتأجيج للصراع وترحيله إلى الجنوب، فلن تهدأ اليمن ولا الجزيرة العربية إن لم تمنح للجنوبيين دولتهم التي دخلوا بها وحدة عام 90م.
ما زال الأمل يحدونا في حكمة الرئيس هادي، وسوف يتدخل في الوقت المناسب ويمنح الجنوبيين إقليمهم كمرحلة إنتقالية قبل الإستفتاء الشعبي ليقرر مصيره ويقول كلمته إما مع فيدرالية بين الشمال والجنوب، أو عودة الجنوب إلى دولته التي ذهب بها إلى الوحدة، هذا هو أنسب الحلول وأقصر الطرق ومصلحة الجميع في الداخل والإقليم والعالم أجمعين.