fbpx
تاريخ من الثورات والحركات والاتقلابات ( 2 )

في الحلقة الأولى تناولنا أهم الأحداث التاريخية في الشمال بدء من 26 سبتمبر 1962م حتى 21 سبتمبر 2014م .
في هذه الحلقة سنحاول أن نتناول أهم الأحداث في الجنوب .
وكما هو معروف فان أهم حدثين تاريخيين في التاريخ المعاصر للجنوب هما ثورة 14 أكتوبر 1963م ويوم الاستقلال 30 نوفمبر 1967م .
من حيث المبدأ لا يختلف غالبية الجنوبيين عن أهمية هذين الحدثين كثورة تحررية وطنية أنجزت مهمتها وأهدافها كاملة بغض النظر عن الأخطاء والهفوات والتجاوزات التي رافقت مسيرة هذه الثورة .
ويعتبر اعلان الاستقلال في 30 نوفمبر 1967م أحد أهم وأعظم إنجاز حققته هذه الثورة ناهيك عن توحيد عشرات السلطنات والإمارات والمشيخات في دولة واحدة من باب المندب وميون وكرش غربا وحتى حدود المهرة مع عمان شرقا وسقطرة جنوبا وسناح ومكيراس وحريب شمالا .
أصبح الرئيس قحطان محمد الشعبي اول رئيس لجمهورية اليمن الجنوبية الشعبية التي سميت بهذا الاسم لأول مرة في تاريخ الجنوب كحل وسط بين جهورية الجنوب العربي وجمهورية اليمن الديمقراطية.
لكن التحول الخطير لهذه الثورة حدث فيما سمي بخطوة 22 يونيو 1969م التصحيحية التي أطاحت بالرئيس قحطان وحل محله مجلس برئاسة الرئيس سالم ربيع على سرعان ما طغت شخصية سالمين الكاريزمية علی هذا المجلس رغم محاولات الجبهة القومية الحاكمة بقيادة عبدالفتاح إسماعيل تقييد صلاحيات الرئيس وربط كل صغيرة وكبيرة بالمكتب السياسي للجبهة .
وعلى أي حال كانت الإطاحة بقحطان صاحب الخبرة الأكبر والأكثر نضجا وتعليما سياسيا واداريا ومن ثم الإطاحة برئيس الوزراء فيصل عبداللطيف الشعبي الذي كان الدينما المحركة لتنظيم الجبهة القومية هي اولی الهفوات الخطيرة والنكسة الاولی لمرحلة ما بعد الاستقلال الناجز .
ومع ذلك لعبت شخصية سالمين الكاريزمية دورا هائلا في تثبيت دعائم الدولة رغم ما رافقها من إجراءات توصف الآن بالتطرف وخاصة في المجال الاقتصادي … لكنها كانت متجاوبة مع متطلبات تلك المرحلة والأغلبية الساحقة من الشعب التي كانت تعتبر سالمين زعيما شعبيا وأبا روحيا .
انتهی عهد الرئيس سالمين الذي كان الأكثر شعبية في تاريخ الرؤساء جنوبا وشمالا ، انتهى في 26 يونيو 1978م بحركة ترافقت مع مقتل الرئيس الغشمي في صنعاء قبل يومين .
وتعتبر هذه الحركة هي النكسة الثانية الخطيرة في تاريخ الجنوب المعاصر .
توزعت السلطة بين الرئيس علي ناصر محمد وأمين عام الجبهة القومية والحزب الاشتراكي فيما بعد عبد الفتاح إسماعيل الذي أصبح الرجل الأول في الحزب والدولة منذ أكتوبر 1978م وحتى 20 أبريل 1980م .
حل الرئيس علي ناصر محمد كرئيسا وامينا عاما للحزب ورئيسا للوزراء ووزيرا لبعض الوزارات منذ ذلك التاريخ وحتى 22 يناير 1986م ليصبح على سالم البيض هو الرجل الأول في الحزب وحيد العطاس الرجل الأول في الدولة .
لا يتسع المجال هنا لاستعراض تفاصيل تلك المحطات لكن يمكن القول أنه علی الرغم من ان فترة الرئيس علي ناصر شهدت انفتاحا وتحسنا واضحا في أداء الدولة وحياة الشعب إلا أن أحداث يناير 1986م شكلت نهاية مأساوية لهذه الفترة وضربة موجعة لوحدة الحزب والشعب .
غير أن الملفت في تاريخ الجنوب أن هذه الأحداث الخطيرة جدا لم تضعف من هيبة الدولة ونظامها لا علی الصعيد الداخلي ولا علی الصعيد الخارجي .
ولم تتخذ هذه الأحداث بعدا مناطقيا كما يحاول البعض تصوير ذلك بل كانت تتخذ بعدا أيديولوجيا ومن ثم سياسيا الی صراع مسلح لكنه كان ينتهي في سرعة قياسية تتبعه مصالحة وطنية وتصالح وتسامح تجسد فيما بعد في إطار الحراك الجنوبي والمقاومة الجنوبية .
ذلك ما سنتناوله في حلقات قادمة بإذن الله تعالى .