fbpx
الشهيد صالح حليس ..وشهادة للتاريخ

د.علي صالح الخلاقي:
انتزعت يد الغدر الآثمة الشهيد صالح سالم حليس ليلتحق بقافلة الشهداء..وقد صُدمت لهذا الخبر المؤلم، الذي لم يسلم منه حتى أئمة المساجد ورجال الدين.
عرفت حليس خطيباً مفوها بعمامته ولباسه الخاص بالجمعة، وأنا أقف بين المصلين في بعض الجُمع التي صادف وجودي فيها بالقرب من مسجد الرضا بالمنصورة..لكنني لم ألتقيه إلا مرة واحدة وبطريق الصدفة برفقة زميله الأستاذ أنصاف مايو، كان ذلك عام 2011م في مكتب رئيس جامعة عدن، في غرفة الانتظار، وكان رابعنا الأخ عبدالله بانافع، وخلال فترة انتظارنا لوصول رئيس الجامعة دخلنا في حديث ساخن عن تطورات الأحداث حينها في الجنوب وكذا حول ما عُرف بثورة التغيير في الشمال، وكان حليس ببدلته الأنيقة ولحيته الدقيقة ورأسه المكشوف، على غير ما كنت أراه في المنبر بزي الخطيب، فلم أتعرف عليه مباشرة إلا بعد النقاش.
وفيما كان حديثنا يخلص إلى أن لا أمل من بقاء الوحدة المغدورة ولا فائدة من تجريب المجرب مع عصابات الغدر والخيانة التي لا تفكر إلا بمصالحها ونفوذها، ولا تقبل بوجود الدولة ومؤسساتها المدنية التي تتناقض مع مصالحها، كان الأستاذ أنصاف مايو يرى أن مسار الوحدة سيتصحح بعد القضاء على نظام صالح الذي كان حينها يواجه ثورة التغيير ومتطلبات المبادرة الخليجية. وأتذكر أنني قلت للأستاذ أنصاف مايو: إنكم في حزب الإصلاح تنظرون إلى الوحدة كهدف إسلامي، بغض النظر عن المقدمات والنتائج، وقد كان الحزب الإشتراكي قبلكم أكثر اندفاعا وتمسكاً بالوحدة، وكان يطمح ليس لوحدة عربية، بل وأممية، وهذه العواطف غير المدروسة أو السياسة الخَرْقاء التي لا تأبه بعواقب الأمور هي التي قادتنا إلى ما نحن فيه اليوم من نتائج كارثية قضت على حلم الوحدة الجميل، وكان ضحيتها بدرجة رئيسية شعبنا الجنوبي الذي خسر دولته وهويته واستقلاله.. وعليكم أنتم أعضاء حزب الإصلاح الجنوبيين أن تكونوا مع شعبكم في نضاله من أجل استعادة دولته واستقلاله والخلاص من نفوذ عصابة صنعاء ونظامها القبلي، وترك مستقبل الوحدة للاجيال القادمة إذا ما نضجت الظروف لذلك.
وأعترف أن حليس كان يميل إلى هذا الرأي الذي كنت أنا والأستاذ عبدالله بانافع نطرحه أثناء النقاش، وهو موقف غالبية الشعب الجنوبي الذي عبر عنه من خلال حشوده المليونية المتلاحقة، على عكس رفيقه أنصاف مايو المتفائل ببقاء الوحدة بعد الخلاص من عفاش..وهذه شهادة لله، خاصة وأن الرجل الآن في ذمته، وهو في غنى عنها..لكنني وجدت أن من الواجب قولها بعد أن التحق في ركب الشهداء..رحمه الله وأسكنه فسيح جناته ..وإنا لله وإنا إليه راجعون.
إنهاء الدردشة