fbpx
مفاهيم يجب فهمها

مفاهيم يجب فهمها

ربيع بن علي القاسمي                                           

في الوقت الذي صار فيه كثير من الناس يخلطون بين المفاهيم والمصطلحات ويتعاملون معها  بطريقة خاطئة قد تؤثر عليهم في علاقتهم مع الناس و في دينهم ودنياهم

 كان لزاما علينا أن نبين بعض المصطلحات والمفاهيم التي يجب أن يتعامل الناس معها على حقيقتها لأن الحقيقة هي أجدر أن تقال ,

ومن تلك المفاهيم ما يتعامل به الناس في اليمن شمالا وجنوبا مثل الوحدة والانفصال وفك الارتباط واليمن والجنوب اليمني والجنوب العربي والشعب اليمني والشعب الجنوبي والأرض اليمنية وغيرها من المفاهيم التي عقد بعض الناس عليها الولاء والبراء فعادوا من يستحق الحب ووالوا من يستحق البغض وما ذاك إلا بسبب جهلهم في الدين والتاريخ أو التعصب والعنصرية التي ليست من الإسلام في شيء . ومن تلك المفاهيم :

  1. 1.     اليمن : بلاد اليمن هي الأرض الممتدة من جنوب الكعبة المشرفة إلى خليج عدن وقد درج بعض المنتمين للحراك الجنوبي إلى إنكار يمنية جنوب اليمن والإصرار على ذلك حتى أن بعضهم يكره اسم اليمن ويسمي الجنوب بالجنوب العربي في الوقت الذي لم يكن الجنوب العربي هوية  لأحد بل كان محميات أنشأتها بريطانيا بهدف السيطرة على محمياتها وانتهى مسمى الجنوب العربي بعد نشاته بسنتين , وهي عقدة نفسية تعرضوا لها بسبب معاملة نظام صنعاء السيئة لهم وإلا فأن الجنوب والشمال أرض يمنية ويجب الاعتراف بذلك لأنها حقيقة تاريخية ودينية وقد ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم اليمن في أكثر من أربعين حديثا .
  2. 2.     الوحدة اليمنية : يخلط كثيرا من الناس في قضية الوحدة اليمنية فمنهم من يبالغ ويقول أن اليمن واحد وأن الوحدة خط أحمر وأننا مستعدون للقتال في سبيلها مهما كلف من ثمن والبعض الآخر يقول أن اليمن ليست بلدا واحدا وينادي بإقامة دولة في الجنوب منفصلة عن الشمال ومن أجل أن يفهم الناس هذه القضية فعليهم أن يفرقوا بين أمرين الأول الوحدة اليمنية السياسية والثاني الوحدة اليمنية الاجتماعية

 أ ) الوحدة السياسية لليمن : وهي وحدة الدولة والرئيس ووحدة اتخاذ القرار السياسي وقد حدثت في بعض الأزمنة وانقطعت في بعضها وتاريخيا لم يكن اليمن موحدا بهذه الصورة إلا من خلال الحروب واحتلال بعض الإمارات لبعضها وقد كان اليمن السياسي في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم غير موحدا بالصورة الحالية إذ كانت أربع ولايات منفصلة عن بعضها هي : ولاية صنعاء وولاية الجند وولاية حضرموت وولاية الإقليم السليماني وهو نجران وجيزان وعسير والمناطق التابعة له , وكلها تابعة لدولة الخلافة في المدينة وظلت هكذا حتى بداية خلافة بني العباس فزادت ولاية تهامة وأصبح اليمن خمس ولايات قبل أن يتفكك إلى دويلات صغيرة تحارب بعضها بعضا  .

ب )الوحدة الاجتماعية لليمن : للأسف الشديد يخلط الكثير من عديمي العلم والمعرفة بين الوحدة السياسية والوحدة الاجتماعية لليمن فكما ذكرنا أن اليمن لم تكن موحدة سياسيا إلا في بعض الفترات إلا أنها موحدة اجتماعيا طيلة عقود التاريخ الماضية حتى الذي سبقت عصر  الإسلام والجدير ذكره أن الجزيرة العربية كانت مجتمعا واحدا منذ عهد آدم عليه السلام حتى عصرنا هذا  ومن قال أن المجتمع الجنوبي مجتمع غير المجتمع اليمني فإنما قالها عن تعصب لا عن دراية وعلم وعليه أن يراجع معلوماته الخاطئة ففي الوقت الذي كان فيه اليمن عدة دويلات كان اليمانيون شمالا وجنوبا يتنقلون بين أجزائه بدون جواز حتى في حقبة الحكم البريطاني في الجنوب والإمامي في الشمال  والتي كانت  تشتد بينهما المواجهات المسلحة غير أن الطرفين لم يكونا يمنعا المواطنين من التنقل بين الشطرين  حتى سنة 1969م عندما بدأ يتشكل في الجنوب نظام الحكم الاشتراكي الذي كان يعادي جميع دول الجزيرة والخليج وما زال بعض عناصره أحياء أمثال باعوم والبيض وهم الآن يبثون هذا العداء من جديد وتبعهم بالعاطفة العمياء بعض من الجنوبيين وللأمانة التاريخية فقد كان نظام الحكم في الشمال يتقبل الجنوبيين الذين كانوا يفرون من الجنوب بسبب الحكم الشيوعي الذي شن حمله من التصفيات الجسدية بين صفوفه في الوقت الذي كانت القوات التابعة لنظام اليمن الجنوبي تطلق النار على من يجتاز الحدود نحو الشمال ( نحن من شهود هذه الفترة الزمنية التي انتهت عام 90م)

ومن باب التأكيد على الوحدة الاجتماعية لليمن وجود قبائل جنوبية بأكملها في الشمال ووجود قبائل شمالية في الجنوب هاجرت قديما ونعرف الكثير منهم في الوقت الحالي . ورغم انفصال الكثير من الولايات اليمنية عن بعضها البعض(سياسيا) فقد تمت صهارات كثيرة بين أسر أمراء الجنوب وأمراء الشمال أمثال الصهارة بين أسرة آل عفيف وأسرة آل حميد الدين والصهارة بين أسرة أمير آل فضل في أبين وبين أسرة آل الأحمر في صنعاء والصهارة بين آل القاسم في عنس وآل الكثيري في حضرموت والكثير من الصهارات وهي مذكورة في كتب التاريخ  وقد ذكرت هذه الصهارات لبيان أن أمراء اليمن كانوا موحدين مجتمعيا رغم خلافاتهم السياسية  (ومن الأسر والعائلات الجنوبية الموجودة في الشمال أسرة الحذيفي القاطنة في العدين بمحافظة اب وهم من ردفان ,وأسرة السلامي اليافعة الموجودين حاليا في الحديدة وأسرة الغزغزي من يافع وهم أمراء شهارة في محافظة حجة ومن الأسر الشمالية التي سكنت عدن أسرة آل الحمادي التي تنتمي أليهم الإذاعية المخضرمة المرحومة نبيلة حمود وأسرة العزعزي وآل المريسي والخولاني وآل جمعان من محافظة البيضاء وهم  يقطنون منطقة الشيخ عثمان منذ زمن بعيد  . أما في الفترة الممتدة بعد صيف 90م فقد اندمج المجتمع اليمني بصهارات عديدة حتى أن الإحصاءات تشير إلى وجود( 415)ألف أسرة جنوبية وشمالية قد تمت بينها صهارات ويبلغ عدد أفراد كل أسرة ما بين أربعة إلى خمسة أفراد

ومن الوحدة الاجتماعية وحدة الدين واللغة والعادات القبلية التي لا يجب إنكارها بأي حال من الأحوال لأن إنكار هذه العلاقات سيسبب تمزقا اجتماعيا وأسريا يصعب تجاوزه في الفترات القادمة .

 ومن أجل ألا يكون الحديث مملا فانه ينبغي علينا فهم الآتي :

  1. 1.     إن الوحدة السياسية لليمن غير الوحدة الاجتماعية وأنه يحق لأي جزء من اليمن أن يحكم نفسه لكن لا يحق له التصرف بعلاقات الناس الاجتماعية كما فعل نظام الاشتراكيين في الجنوب في الفترة ما بين (69-90م ) التي  سببت مآسي أسرية كلنا نعرفها جيدا
  2. 2.     أن الوحدة ليست خطا أحمركما يقول بعض الذين نهبوا الجنوب بعد حرب94م لكن الوحدة الاجتماعية هي الخط الأحمر الحقيقي الذي لا ينبغي السماح لأي شخص أن يقترب منه وأن الدعوات التي تفرق بين شمالي وجنوبي إنما هي دعوات جاهلية يأباها الله ورسوله .
  3. 3.     أن كان هناك من ولاء وبراء في عقيدتنا فانه حسب قواعد ديننا الإسلامي الحنيف فلا نحب إلا مؤمن من أي بلد كان ولا نكره ونبغض إلا كافر أو فاسق في أي  بلد كان 
  4. 4.     وجود دول عديدة يسودها العدل  والوئام والمحبة والتراحم خير من وجود دولة واحدة يسودها الظلم والقهر والكراهية
  5. 5.     وجودنا تحت دولة الوحدة الحالية خير لنا من انفصال تعقبه تصفيات سياسية وملاحقات استخباراتية فقيادات الحراك الجنوبي الذين يهدد بعضهم بعضا وهم ما زالوا بلا دولة هم من قام بالملاحقات والتصفيات الجسدية لبعضهم البعض في السبعينيات والثمانينات فالزعيم باعوم الذي ارتكب مجازر دموية بعد 69م في شبوة ولحج وحضرموت لأسباب سياسية هو الآن على رأس الحراك الجنوبي وسيصفي من خالفه ووقف ضده سياسيا في هذه الفترة والعقول السابقة هي العقول الحالية , وهنا أحب أن أقدم نصيحة لقيادات الحراك بأنكم إذا كنتم تحبون بلدكم فاتركوا الشأن للشباب أو قدموا أنفسكم للمحاكمة فالذي تثبت براءته يأخذ موقعه بيننا والذي يدان يأخذ جزاء إدانته بالعدل .
  6. 6.     وللإسلاميين الجنوبيين أهمس همسة محب ( الدولة السياسية في الجنوب أو في الشمال ليست هدفا للإسلام ولكن الهدف هو تحكيم الشريعة على الأرض وبين الناس فان وجدت دولة تقيم الشرع والعدل فنحن من أبنائها وأن كانت غير ذلك فنحن من أعدائها وعلى ذلك تعاملوا وإلا أين انتمائكم للإسلام )
  7. 7.     وللشماليين أقول ليس من الضروري أن تحكمونا من صنعاء حتى نقول أننا موحدين بل من الضروري أن تشعروا بنا كأخوة دين وعقيدة وأبناء مجتمع واحد وكل منا يحكم بلده وتبقى المودة والإخاء بيننا جميعا )

وأخيرا أقول للكل لا تتفرقوا تفرق من يتباغض ولا تتوحدوا توحد من يظلم بل كونوا وسطا والدولة الاتحادية هي المخرج الوحيد للأزمات كلها وتحكيم شرع الله هو المنجى لجميع المسلمين .

 

محبكم / ربيع بن علي القاسمي