fbpx
الدكتور حسين العاقل يكشف عن نهب وتقاسم الشماليون لـ ” جنة النفط ” بشبوة

تحية اجلال ووفاء لأبناء مديريات إنتاج النفط والغاز محافظة شبوة .

بقلم الدكتور/ حسين مثنى العاقل

D_aqeel2010@yahoo.com

إلى من حظهم الله العيش والاستقرار فوق بحيرة النفط والغاز الطبيعي، المخزونة تحت رمال الصحراء المترامية بعروقها وكثبانها الثابتة والمتحركة، فاتخذوا من مرابع البداية الواقعة بين منحدرات السلاسل الجبلية التي تخترقها مجاري الوديات الموسمية، وعند هوامش الرواسب الطينية الخصبة المفتوحة لزحف الرمال المتراكمة بطبقاتها السميكة والمتصلة مع رملة السبعتين وصحراء الربع الخالي، موطنا لحياتهم الاجتماعية فشيدوا فيها منذ الأف الستين أعظم وأرقى الحضارات التاريخية، حيث قامت على ضفاف وادي بيحان ووادي مرخة حضارة دولة قتبان وفي قلب سهولها الفيضية شيدت مدينة شبوة عاصمة الدولة الحضرمية، فكانت خلال قرون مضت محطة مركزية لطرق التجارة الدولية، تجوبها قوافل سفن الصحراء المحملة بمنتوجات أرض جنوب الجزيرة العربية، والتي اطلق عليها الرومان باسم العربية السعيدة  Arabia Felix..

إليكم أيها الرجال الميامين الصابرين على تقلبات الدهر فوق تربة أرضكم الحافظة لكم خيراتها وثرواتها منذ ملايين السنين، في محافظة شبوة المجد والشموخ والكبرياء بعامة، وفي مديريات عسيلان – بيحان – وجردان وعرمة بخاصة، نبعث تحيات الأجلال وأسمى معاني الوفاء والاحترام، تحيات النضال التحرري، لتعم قبائلكم ومشايخكم وأطفالكم وشبابكم ونسائكم الماجدات، وأنتم تتأهبون مع جماهير شعبكم الجنوبي، ومع قوى الحراك السلمي لاستعادة دوله المستقلة.. ولكم سعدنا أيها الصناديد الأبطال حينما غمرتنا مشاعركم النفية بسماتها البدوية النبيلة، وانشرحت أسارير قلوبنا بالسعادة عندما وجدنا فيكم روح الأصالة الجنوبية، وكرم الضيافة العربية، وتنبعث من هامات عزتكم سماحة العادات والتقاليد الإنسانية وقيم الأخلاق الحميدة المكتسبة من مبادى ديننا الإسلامي الحنيف، وأطمئنه نفوسنا لمستوى حماسكم وإصراركم القاطع لتحرير وطنا الجنوبي من رجس الاحتلال اليمني، ومعنوية استعدادكم للتضحية في سبيل انتصار أهداف قضيتنا السياسية، وبناء مداميك دولتنا الجديدة القائمة على العدل والمساواة، وعلى ديمقراطية الشراكة في الحقوق والواجبات بين أبناء الجنوب دونما تمييز أو إقصاء، وعلى أسس وضوابط تحترم حقوق الإنسان، وتصون كرامته وتأمن حياته الاجتماعية والمعيشية، وتكفل حماية السيادة الوطنية للأرض والثروات البرية والبحرية..    

وفي سياق التعبير الصادق عن ما لمسناه من زيارتنا برفقة فضيلة الشيخ القدير حسين بن شعيب رئيس الهيئة الشرعية الجنوبية للإرشاد والإفتاء، والصحفي المبدع وفي العريمي،  إلى تلك المديريات، فقد ذهلنا وصدمت عقولنا وضمائرنا عندما شاهدنا واقع الحال في مديريات إنتاج النفط والغاز الطبيعي وحالة السكان الاجتماعية تعاني الحرمان، وتكابد الظلم وجور الاستبداد، فصور المناظر الطبيعية للجبال توحي بالحزن والقنوط من ما آلت إليه حياة المواطنين من تدهور واهمال ومعاناة، وفي نفس الحال تحس من ملامح تعاستها العامة، أنها أي الأرض بترابها وصخورها ونباتاتها البرية في حالة ترقب وانتظار، وعلى أمل ويقين بأن ما اصابها من قهر الغزاة لن يطول، وأن تباشير انبلاج الليل الكئيب وبزوغ فجر الخلاص منهم صار وشيكا، وهذا الشعور والاحساس يستنتجه المتأمل فيها من خلال معنويات الشباب والأطفال وهم يرددون شعارات الرفض القاطع للاحتلال اليمني، يتحدون قواته العسكرية وهم يحملون إعلام دولة الجنوب المغدور بها على أجسادهم وفوق رؤوسهم، كما ترى بصماتهم وقد رسموا العلم والمثلث الأزرق والنجمة الحمراء بأحجام كبيرة وزاهية على أسوار تحصينات المعسكرات لقوات الجيش اليمني، وعلى حيطان المدارس وشرفات وسطوح المنازل، وفي صخور منحدرات الجبال وعلى جوانب الطرقات والمحلات التجارية، وحتى على خزانات المياه في الصحراء المخصصة لسقي الأبل وأغنام الرعيان وعابري السبيل، ومن شدة الحيرة والاستغراب وجدنا أنفسنا أمام واقع متناقض تماما مع تصوراتنا السابقة، وبالذات في مديرية عسيلان التي تقطنها قبيلة بلحارث التي تعد من أكبر قبائل شبوة واشدها بأسا وشجاعة وشهامة ولها مكانة وأدوار تاريخية مشهودة مع بقية القبائل المهابة في بيحان في العزة والآباء ورفض الهيمنة والخضوع للاحتلال الأجنبي، فقد كنا نتوقع أن هذه المديرية التي تنتج أكثر من 150,000 برميل يوميا من النفط الخام من قطاع جنة 5، والذي تستغله شركة Huntهنت الأمريكية وشركة أكسيدنتال اليمن Occidental of Yemen، فضلا عن إنتاج كميات كبيرة من الغاز الطبيعي المسال والمقدر مخزونه الاحتياطي عام 2008م بحوالي 33 ترليون قدم مكعب. حيث ينقل النفط والغاز بواسطة شبكة ضخمة من الأنابيب وأسطول من القاطرات الكبيرة إلى منطقة مأرب وإلى ميناء بالحاف على البحر العربي. بأننا سنجد ونشاهد فيها المنشآت الخدماتية من محطات كهربائية والطرقات المعبدة إلى كل القرى المتناثرة فوق كثبان الرمال الصحراوية، وأن أبناء هذه المديرية على وجه الخصوص يتعلمون في مدارس مجهزة بأحدث الوسائل التعليمية، ويحضئون برعاية وعناية صحية من مستشفيات وخدمات طبية متطورة ولديهم مراكز للأمومة والطفولة، وأن مستوى الحياة المعيشية لسكان مديريتي عسيلان وبيحان من حيث معدل الدخل الاجتماعي للفرد مرتفعة، وأن عائداتهم من حصص إنتاج النفط والغاز يصل إلى درجة من الترف والبذخ.!؟.. وفي الوقت نفسه كنا نتوقع أن الكادر الوظيفي والعمال المؤهلين في الشركات العاملة هم من أبناء محافظة شبوة أن لم يكن من أبناء المديريات المنتجة، وهم من يدير ويشرف ويراقب عمليات الإنتاج اليومي للآبار والحقول، وعليهم تعتمد الشركات في الأعمال الفنية والهندسية والمقاولات، ولهم حق الأولوية في الحصول على المنح الدراسية في جامعات البلدان الصناعية كفرنسا وأمريكا وبريطانيا وعلى حساب تلك الشركات.. ولكن يا للأسف لقد صدمنا من هول ما وجدنا وشاهدناه ونكتفي بعرض هذه الحقائق والصور وللقارئ الحصيف أن يستنتج مدى النهب والاستهتار الهمجي لرموز العصابات المهيمنة على القطاعات النفطية والغازية في مديرية عسيلان (قطاع جنة 5) ومديرية عرمة/ جردان (طاع العقلةS2).

–          هناك عدد كبير من المتنفذين اليمنيين ومشايخ القبائل المعروفين بهيمنتهم المطلقة على القطاعات النفطية والغازية في محافظتي شبوة وحضرموت، وتحت نفوذهم واستحواذهم يتم منح الموالين لهم تراخيص الاستثمار وتنحصر عليهم الاتفاقيات المبرمة مع الشركات العالمية، وتعود لهم وحدهم حصص تقاسم العائدات المالية بالعملة الصعبة.

–          تهيمن شركة هنت Hunt على قطاع جنة 5 بمديرية عسيلان بالإضافة إلى شركة توتال الفرنسية وأخرى كورية، حيث تقوم هذه الشركات بشفط النفط والغاز ونقله بواسطة شبكة من الأنابيب إلى مركز المعالجة في صافر بمأرب ومنها يصدر عبر ميناء بلحاف على بحر العرب وميناء عيسى على البحر الأحمر.

–          تستأثر شركة (OMV) النمساوية على قطاع S2 بمنطقة العقلة مديرية جردان، ويصدر عبر شبكة من الأنابيب إلى ميناء بلحاف، كما تتولى شركة الحثيلي المساهمة مع وكالات علي محسن الأحمر بنقل النفط والغاز بواسطة أسطول من القاطرات التي يقدر عددها حسب المعلومات الميدانية بأكثر من 165 قاطرة، سعة القاطرة ما بين 450 – 500 برميل من النفط الخام، وتتحرك كل 8 ساعات نحو 15 قاطرة من العقلة إلى صافر وتقطع مسافة 170 كيلو مترا، حيث تدفع الشركة مقابل ذلك خمسة دولار على كل برميل من النفط. 

–          عدد العمال والموظفين في شركة (OMV) النمساوية حوالي 360 عاملا وموظفا، منهم 60 موظفا نسبتهم 16,6% فقط من أبناء المحافظة معظمهم يعملون في حراسة الشركات أو سائقين وأعمال خدماتية عادية. أما الوظائف الفنية وغيرها فهي من نصيب الغزاة الطامعين.. كما يعمل مع شركة أوكسي (OXY) حوالي 400 عاملا وموظفا، منهم 30 موظفا بنسبة 7,5% من أبناء محافظة شبوة، وأوضاعهم لا تختلف عن زملائهم الموظفين مع الشركة النمساوية وغيرها من الشركات.

–          تنتشر الآبار المنتجة للنفط والغاز على مساحة طولية وعلى خط أفقي يفوق عددها عن 400 بئرا في نطاق المسافة التي استطعنا زيارتها انظر الصورة رقم (1- 2).

–          في حقل العقلة قطاع S2 يتم اهدار حوالي 32 مليون قدم مكعب من الغاز بصورة عبثية انظر الصورة رقم (3).

الخلاصة..

أن ما عرضناه من حقائق في هذا الموضوع المخصص للتعبير عن مشاعر التقدير والاحترام لأخوتنا في المعاناة والنضال السلمي لتحرير الأرض واستعادة الدولة، في محافظة شبوة، وتحديدا في مديريات عسيلان وبيحان وعتق ونصاب وعرمة، إنما هي حقائق محدودة جدا، نأمل أن تعطي القارئ الكريم صورة واضحة عن جرائم النهب اليمني، وتكشف واقع الحال والظروف الاستبدادية التي يتعامل بها أبناء المديريات المنتجة للنفط والغاز في م/ شبوة، من قبل الشركات العاملة والمتنفذين اليمنيين .

ولا يسعني في هذا العرض إلا أن أعبر عن الشكر والتقدير للمشايخ والشخصيات السياسية وقيادة الحراك السلمي في المديرات المذكورة، لحفاوة الاستقبال وكرم الضيافة، والشكر موصول لكل المناضلين الأوفياء الذين رافقونا في جمع المعلومات وفي إقامة الندوات التوعوية(*)، وللجميع عهد الوفاء في مواصلة النضال السلمي لتحرير الأرض والثروات المنهوبة واستعادة دولتنا الجنوبية ذات السيادة.. والله من وراء القصد.   12-9-2012م 

صورة رقم (2) وتمثل أحدى الآبار المنتجة للغاز أو النفط في قطاع جنة عسيلان.

صورة يبين نقاط المراقبة لحماية الشركات الناهبة للثروة الجنوبية بقطاع جنة.

صورة رقم (3) توضح عملية هدر واحراق الغاز الطبيعي في قطاع جنة والعقلة

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(*) كان الهدف من النزول الميداني إلى بعض مديرات محافظة شبوة، هو القيام بمهام توعوية ثقافية وتلمس واقع الحال لأبناء الجنوب في تلك المديريات، فضلا عن جمع المعلومات والحقائق عن عمليات النهب المحموم لاستنزاف الثروة النفطية في المديريات المستباحة من قبل الشركات وعصابات نظام سلطة صنعاء القبلية، وهذا المعلومات وغيرها من الجرائم والانتهاكات سوف نضمنها بمشية الله في الجزء الثاني من كتاب قضية الجنوب..