fbpx
عن سقوط صنعاء واستعادتها 2

تحدثت في المقال السياسي السابق عن بعض حيثيات سقوط صنعاء بيد الحوثيين قبل عام ،وقد احببنا ان تعيد الذاكرة اليها لارتباطها بما يجري من تطورات واعمال عسكرية في بعض محافظات الشمال مثل  الجوف وحجة ومحافظة صنعاء الريف المحيطة بصنعاء كعاصمة وقد اشرت سابقا ان استعادته صنعاء من  قبضة وسيطرة الحوثين وقوات علي صالح ليس بالأمر السهل لكنه ليس بالأمر الصعب والمستحيل رغم  خصوصية صنعاء وتركيبتها القبلية والدينية والسياسية والعسكرية ،وطرحت سؤال في نهاية المقال عن مصير العلاقة بين صنعاء وعدن بعد انتهاء الحرب كدولتين او اقليمين ؟

في هذأ المقال احاول اعطى القارئ الذي تغيب عنه بعض المشاهد والمعلومات او نسيها بحكم حجم المعاناة في الداخل وملل المتابع في الخارج بعض المعلومات والتي تجعل المتابع يبني تصوراته وفق ماهو في الواقع

وهي:

1/ان طبيعة التركيبة الثقافية والدينية والقبلية في صنعاء تجعل اي مراقب يعرف صنعاء وعاش فيها يحدد العديد من الاستنتاجات والتوقعات الصحيحة لما الت الصراع فمثلا في صنعاء قد تعيش فيها سنوات كثيرة لكنك لن تشعر بان الناس سيدمرون صنعاء وينهبونها كما كانت القبائل تاريخيا تنهب صنعاء حتى لقلة الطعام والسبب ان كل الاطراف لها مصالح تجارية ومالية وسلطوية حريصة عليها رغم غليان السياسة  وانتشار السلاح بشكل كبير ،وحتى في حال حصلت حروب خارجها فلا تجد اي شيء يلفت نظرك عن تحولات قادمة لان اغلب الناس ليسوا مشغولين بما يجري بل بالبحث عن امورهم واعمالهم الخاصة ،ولا تجد اي ردود فعل الا من القليل من السكان ورغم نقاشهم فانهم يرددون في النهاية  عبارة (عاتسبر ياخبير )اي سوف تصلح الامور ،ولذلك على  سبيل المثال كنا نتحدث مع بعض السياسيين من كل الاطراف اثناء ماعرف بثورة الشباب ضد سلطة علي صالح  ولا نلمس الخوف من انهيار تام لصنعاء رغم حماسهم الكبير  وتطلع الشباب للتغير وشدة المواجهات والضحايا في صفوف الشباب وكذلك اثناء تحرك جماعة الحوثين لإسقاط صنعاء  وتهديدهم للسلطة ومهلتهم  لها لتنفيذ المطالب الثلاثة او فرضها بالقوة وكنا حينها نلمس الثقة المفرطة  لدى معظم المسؤولين في  احزاب السلطة اليمنية والحكومة او كبار الضباط والقادة العسكرين باستثناء بعض المسؤولين كان الشاهد كأنهم مقتنعين بما سيحصل وكانه قضاء وقدر لا مفر منه فكانوا يقولون لا تقلقوا مما يجري عاتسبر ياخبرة وصنعاء لن تسقط ولا شرعية الرئيس وحكومته لانهم محمين بمبادرة الخليج وجمال بن عمر

2/ليست برودة الطقس  تقريبا سببا كافي  لتعاطي اغلب الناس في صنعاء والشمال مع سياسة الامر الواقع  لأنه حتى في  بعض المناطق الحارة كالحديدة وشدة حرارتها لم نسمع ثورات ضد الحاكم او اي قوة الا في بعض الفترات التاريخية وكان الاستثناء في2011م لقيام ثورة شاملة غير ان خبرة علي صالح واساليبه في الحكم  القائمة على امكانية تغير المواقف وكسب الولاءات واعطى الوعود للأخر بالتنازل وان كان تنازل شكلي عن السلطة الى جانب حب اللقاء المشترك لنصف السلطة وفشل سياسات مابعد التغير  افشل تلك الثورة فوجدوا انفسهم أمام ثورة الحوثين وجه لوجه ،كذلك فان لتأثير بعض الثقافات السلبية القائمة على الطاعة لكبار القوم والمشايخ والسادة هي المسيطرة  في الواقع والمانعة لأي تغير نحو الافضل ‘

3/من المعروف ان صنعاء المدينة تحيط بها قبائل ذات تأثير هي من  جعلت جماعة  الحوثين يتحركون بسهولة بذكاء  عبر طلبهم المرور بالخط الاسود اي طريق السيارات حتى وصلوا صنعاء وهي من حمت علي  صالح لثلاثة عقود رغم تهميشه لبعض تلك القبائل ولكنه عن طريق كسب كبار القوم والولاء الحزبي والانقسام بين تلك القبائل لمنع اي خطر من توحدها استطاع علي صالح  ان يمسك بتلك القبائل واستفاد الحوثين من الموالين لصالح للوصول لدار الرئاسة تحت رعاية  بن عمر ورضى الجيش عدا جزء من فرقة علي محسن  الذي خسر المعركة ولجأ للسعودية ووسط ذهول الرئيس وحكومته وصمت الاصلاح تم توقيع اتفاق السلم كتحصيل حاصل لفرض الامر الواقع لتضيء سماء صنعاء ليلة 21سبتمبر بالألعاب وفرحة فضائية صنعاء والتهاني للرئيس عبر الصحف قبل ان تتحول تلك الفرحة بصنعاء الى صراع تناحري لم يحسم حتى اليوم والمستغرب حينها كيف كانت فضائية اليمن الرسمية تحتفل ليلة سقوط صنعاء غير ان البعض علق بالقول ( لا تستغربون فأهل صنعاء يقولون اذا حرقه صنعاء اعمل لك بوري معسل ) ان القبائل المحيطة بصنعاء هي بني حشيش التي لا تبعد سوى ثلاثين كيلوا عن مديرية نهم الدائر حاليا فيها الصراع بحسب تقارير الشرعية وبني حشيش من اكبر القبائل المحيطة بصنعاء وسبق ان شهدت في عهد صالح الحرب مع الحوثين في احد الحروب الستة وفيها بعض البيوت من السادة ويقال سكن فيها بعض ابناء باذان حاكم صنعاء في عهد الاحتلال الفارسي وحاكمها عند اسلامه واسلام صنعاء في عهد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم .

4/الى جانب اهمية المدخل الشرقي لصنعاء بني حشيش ونهم فان قبيلة سنحان وبلاد الرؤوس وبني بهلول تحيط بصنعاء من المدخل الجنوبي وهي خط الحماية في حال تم اختراق التحالف والشرعية لخولان من صرواح مارب او ذمار والحداء بحكم ان سنحان معقل علي عبدالله صالح ومسقط راسه .

5/وفي المدخل الغربي لصنعاء الرابط بمحافظة الحديدة تقع قبائل بني مطر والحيمتين الداخلية والخارجية ومن المستبعد اختراقهما رغم وجود موالين لعلي محسن والاصلاح فيهما غير ان تأثير انصار صالح والمؤتمر الشعبي اكبر.

6/ فالخلاصة ان محافظة صنعاء وقبائلها السبع الكبيرة تحيط بالعاصمة اليمنية صنعاء من كل مكان ولها امتداد قبلي الى داخل صنعاء التي كانت مقسمه بين القبائل باستثناء صنعاء القديمة ذات الاسوار التاريخية وقد تكون السبب في استعادة صنعاء لسلطة الشرعية او بقائها تحت سيطرة الحوثين وفي المدخل الشمالي الشمالي الشرقي تقع قبائل همدان وحاور وبني الحارث وارحب وفي ارحب تدور معارك بين الحوثين والاصلاح وانصار صالح منذ ما قبل سقوط صنعاء ومن المدخل الشمالي ووادي ظهر تمكن الحوثين من دخول شمال صنعاء عام 2014م فهل تتمكن قوات التحالف والشرعية من تغير المعادلة ؟

7/الملاحظ ان التحالف يهدف لعزل صعدة عبر التقدم في حرف سفيان من جهة الشرق الجوف وبرط  ومن جهة الغرب عبر التقدم من جهة حرض وعاهم بحجة والوصول للقفلة المحاذية لحرف سفيان وحرف سفيان هي المديرية التي تفصل صعدة عن عمران.

8/من الصعب تحديد مدى الانقسام في تلك القبائل لكن الواضح ان كل الاطراف لهم تواجد بها وقد يلجأون للسماح لقوات الشرعية بالوصول لصنعاء كما حصل مع الحوثين عام 2014في حال تم تحييد اتباع علي صالح وابنه احمد باتفاق تكتيكي او مصالح مشتركة للتحالف وصالح خاصة بعد ان انهكت الحرب الكثير من قدرات الحرس الجمهوري القتالية المتقدمة والاستراتيجية عدا بعض المخزون الصاروخي والتكتيكي.

واخيرا ان حسم المعركة في صنعاء بالحرب او الانسحاب المتفق عليه لن ينهي الازمة طالما ظلت قضية الجنوب بلا حل نهائي وسنتحدث ان شاء الله في المقال الثالث والاخير عن ما الت اليه العلاقة بين عدن وصنعاء كدولتين او اقليمين.