fbpx
تقرير: الإعلام اليمني.. مخاض إلى أين؟!
شارك الخبر

يافع نيوز – الشرق الاوسط

مع تغير الخريطة السياسية في اليمن بعد اندلاع الثورة الشعبية التي أطاحت بحكم الرئيس السابق علي عبد الله صالح، تغير الفضاء الإعلامي وأصبح ساحة للصراع بين الأطراف السياسية المختلفة، وأفرزت المرحلة الانتقالية التي تعيشها البلاد، بموجب المبادرة الخليجية، ظهور الكثير من القنوات الفضائية، والصحف، ليدخل اليمن في مخاض إعلامي، نحو تعدد وسائل الإعلام المرئي والمسموع، التي كان يحتكرها نظام صالح لعقود ماضية.

 

ورغم التطورات التقنية التي شهدتها بعض المؤسسات الإعلامية الحكومية، فإن الفجوة مع الواقع أخذت في الاتساع، بسبب عدم وجود تقاليد راسخة لإدارة المؤسسات الإعلامية، وترك المجال للاجتهادات التي فاقمت من حالة الاغتراب التي تعيشها هذه المؤسسات، كما يقول إعلاميون وصحافيون.

 

وحاليا تضم الخريطة الجديدة للإعلام اليمني المرئي، 10 قنوات فضائية، منها أربع رسمية، وعشر قنوات خاصة، وهي: «سهيل»، المملوكة لرجل الأعمال والقيادي البارز في أحزاب «المشترك» حميد الأحمر، و«يمن شباب» ويديرها شباب من ساحة التغيير وحزب الإصلاح، «السعيدة» تتبع رجال أعمال وتجار، «المسيرة» تتبع جماعة الحوثيين الشيعية، و«الساحات» يديرها شباب من ساحات التغيير وتتبع شخصيات معارضة لحزب المؤتمر وأحزاب اللقاء المشترك، و«اليمن اليوم» التي يملكها العميد أحمد علي نجل الرئيس السابق، و«أزال» تتبع القيادي في حزب المؤتمر الشعبي العام محمد الشائف، و«العقيق» تتبع شخصيات قريبة من الرئيس السابق صالح، و«عدن لايف» وتتبع نائب الرئيس السابق علي سالم البيض، و«المصير» وتتبع الرئيس الجنوبي السابق علي ناصر محمد.

 

بينما تمتلك الدولة أربع قنوات فضائية، هي: «اليمن»، و«سبأ»، و«الإيمان»، و«عدن»، إضافة إلى أكثر من 12 إذاعة محلية. تتبعها ست مؤسسات تصدر عنها يوميا أربع صحف هي: «الثورة»، و«الجمهورية»، و«14 أكتوبر»، و«السياسية»، وجميعها تصدر ما عدا الأخيرة، التي توقفت عن الصدور بسبب تعرض وكالة الأنباء الرسمية (سبأ) الصادرة عنها للهدم والاعتداء جراء حرب الحصبة العام الماضي. ويقول نقيب الصحافيين السابق نصر طه مصطفى «إن واقع الإعلام الرسمي لا يسر صديقا ولا عدوا، وقد آن الأوان لتصحيح أوضاعه بما يتوافق مع دولة مؤسسات ديمقراطية هي ستكون حاصل الثورة الشعبية التي أطاحت بنظام الرئيس صالح ».

 

ويضيف مصطفى في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «ابتداء، لا بد من تقييم أداء هذه المؤسسات وتنويع وظائفها ودعمها ماليا وإعادة هيكلتها كمرحلة أولى لجعلها مؤسسات شعبية عامة تخدم المواطن وتنطق بلسانه وتدافع عن حقوقه». ويعتبر مصطفى أن «ما حدث في المؤسسات الرسمية بلا شك اجتهادات محمودة النوايا لتصحيح أدائها بما يعبر عن الشباب الذين كانت ثورتهم السبب في التغيير الجذري الهائل الذي حدث في اليمن».

 

ويتابع «قد يكون بعضها متوازنا، لكنها جميعا تنطلق من نوايا حسنة ومحاولة لتصحيح الأخطاء التي وقعت فيها هذه الأجهزة طوال فترة ما قبل تشكيل الحكومة». ويطالب مصطفى بإعطاء المؤسسات الإعلامية الحرية لأنها «روح هذه المؤسسات، ومن دون الحرية، يصبح إغلاقها أفضل لأنها لن تكون في حال غياب الحرية سوى عبء على الدولة ووسيلة لتضليل المواطنين».

بينما يرى الإعلامي اليمني عدنان الصنوي أن: «من السهل جدا توصيف واقع وسائل الإعلام الحكومية اليمنية، كمنابر موجهة وكجزء من النظام العام الذي يواجه هذه الثورات المطلبية العارمة في أنحاء البلاد». ويقول في تصريح لـ «الشرق الأوسط»: «إن غياب التقاليد المؤسسية والمعايير المهنية الحاكمة، أبقى جموع المحررين معنيين بطاعة الأوامر، والانخراط في نهج تحريري أحادي يغلب عليه الخطاب المنبري، ولغة الخشب كأقصر الطرق للإنجاز الكمي»، مؤكدا: «إن مهمة إصلاح هذا القطاع لن تكون سهلة بالنظر إلى هذا الإرث الكبير من الهموم الإدارية والمهنية.. لأن الإعلام الحكومي بحاجة أولا إلى تقبل حركة التغيير الواسعة التي تشهدها البلاد، وأهمية تحوله من إعلام سلطة إلى إعلام عمومي».

 

ويتابع «كما أن الديمقراطية الشاملة في آليات عمل هذا الإعلام هي أيضا مدخل مهم لبناء الثقة مع الجمهور التي لم تكن من أولوياته طوال عقود»، مشيرا إلى أن «على العاملين في هذا القطاع الاعتراف بأن واقعا جديدا بدأ الان، وأن التسليع المبالغ فيه وتركيز ملكية وسائل الإعلام بات شيئا من الماضي، كما أن عليهم الاقتناع بأن العمل الذي يقومون به على درجة عالية من الأهمية وليس مجرد عمل روتيني للحصول على رضا طرف بعينه». ومن أجل هذا، فإن على «على الصحافيين الذين يريدون أن يطلق عليهم هذا الاسم، الالتزام بمبادئ الصحافة الأخلاقية، ومحددات العمل العمومي. التي تقوم على احترام الحقيقة، الاستقلالية وعدم الانحياز، فضلا عن المسؤولية الاجتماعية والمهنية.

 

وإدراك أن عملهم من أجل الصالح العام حانت ساعته مع هذا الربيع العربي»، كما يقول الصنوي. بينما يحذر الصحافي علي الجرادي من سيطرة: «الحكومة الحالية أو القادمة أو أي حزب في أي حكومة على وسائل الإعلام، هذا هو الخطر الكبير»..

ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «في العهد الشمولي كان الإعلام الرسمي، له مهمة خاصة معروفة وهي تسويق الحاكم وتبرير أفعاله وتحسين صورته». ويطالب الجرادي الذي يرأس صحيفة أهلية، الدولة «بعدم تمويل وسائل الإعلام الرسمية من خزينة الدولة إلا عندما تكون وفق إدارة قومية على الأقل».

* من حمدان الرجبي

أخبار ذات صله