fbpx
الجنوب خسرت مع الاحتلال اليمني ما لم تخسره مع الاحتلال البريطاني

الجنوب خسرت مع الاحتلال اليمني ما لم تخسره مع الاحتلال البريطاني

قحطان طمبح

الجنوب خسرت مع الاحتلال اليمني ما لم تخسره مع الاحتلال البريطاني يبدو أن نظام الاحتلال اليمني لا يعي مخاطر اللعب بالأوراق الذي سبق وأن تعامل معها في ساحات التغيير في عدد من المدن اليمنية وما سببته من خسائر بشرية ترتقي إلى جرائم حرب جسيمة يعاقب عليها القانون، والذي كان سببها إصراره على إجهاض ثورة التغيير السلمية. وكما يبدو له أن انتصاره على إجهاض الثورة السلمية في الجمهورية العربية اليمنية قد يتمكن من الانتصار مرة أخرى على إجهاض ثورة التحرير والاستقلال الجنوبية إلا أنه لم يدرك البعد السياسي والتاريخي والثقافي للثورة الجنوبية وكذا مستوى الوعي الثوري لدى أبناء الجنوب الأحرار، ولم يدرك أيضاً الفرق الشاسع بين الثورتين ثورة وجدت لتغيير الذات فُقتلت في مهدها، بينما ثورة وجدت لإثبات ذاتها وهويتها السياسية والتاريخية والجغرافية الذي حاول الاحتلال طمس معالمها ولم يفلح فلجأ إلى توجيه قواته ومليشيات التجمع اليمني للإصلاح المتأسلم المزودة بمختلف الأسلحة الثقيلة والمتوسطة بارتكاب مجازر جماعية بحق المدنيين من أبناء المنصورة بالعاصمة عدن واستخدام أساليب ووسائل قذرة تعود النظام على استخدامها منذُ احتلال الجنوب عام 1994م والتي وصلت حد التمثيل بجثث الشهداء وسحل الجرحى وقتل النساء والأطفال وهتك الأعراض دون أي ذنب سوى لهويتهم الجنوبية.
وهنا يظهر النظام بأنه على سباق مع الزمن لقتل أكثر عدد من أبناء الجنوب ليحصل على أكبر قدر من أراضي الجنوب وثرواتها إلا أنه أخطأ الحساب هذه المرة كما أخطأ في فتاوى الزناديق ولم يحسب جيداً ما قام به من جرائم بحق أبناء الجنوب خلال 18 عام هي عمر الاحتلال اليمني للجنوب فعدد من تم تصفيتهم جسدياً خلال هذه الفترة قد تجاوز بكثير ما فقده أبناء الجنوب خلال 129 عام هي عمر الاحتلال البريطاني للجنوب، ناهيك عن أن الاحتلال البريطاني لم يعتدي على جثث الشهداء أو يسيء التعامل مع الجرحى أو يعتدي على النساء والأطفال بل على العكس من ذلك بينما الاحتلال اليمني تعدى كل القيم الدينية والأخلاقية والإنسانية باستخدامه أبشع أساليب القتل والتعذيب لترهيب أبناء الجنوب للنيل من صمودهم وإصرارهم لإجبارهم على التخلي عن أرضهم وكرامتهم وأهداف ثورتهم التحررية العادلة والقبول بالأمر الواقع المفروض بقوة السلاح إلا أن ذلك لم يتحقق لنظام الاحتلال من قوى التحرير والاستقلال الجنوبية بل زادتهم إيماناً على إيمان وإصرارٍ على إصرار، وبذلك خسرت الجنوب مع هذا الاحتلال الهمجي ما لم تخسره مع الاحتلال البريطاني مع فارق الدين والزمن. في الوقت الذي تتم فيه كل تلك الجرائم والانتهاكات الذي يمارسها نظام الاحتلال في عدن، ولحج، وأبين، وردفان، وشبوة، وحضرموت، والضالع وعدد من المدن الجنوبية أمام عدسات القنوات الفضائية العربية والدولية التي التزمت حجب حقيقة ما يتعرض له أبناء الجنوب من مجازر جماعية على أيدي جنود الاحتلال اليمني ومليشيات حزب الإصلاح ليس ذلك فحسب بل هناك ما هو أسوأ من ذلك هو الصمت المتعمد من قبل الدول العربية ودول الجوار بالذات والمنظمات العربية والدولية والإقليمية المعنية بحقوق الإنسان والتي من المفترض ان تكون هي نصير المظلومين والمدافع عن حقوقهم وبالرغم من هذا الصمت العربي والدولي والتعتيم الإعلامي المتعمد الذي يحيط بالقضية الجنوبية وما يتعرض له أبناء الجنوب العزل من اعتداءات متكررة فلا زال الجنوبيون يتطلعون إلى مواقف عربية ودولية داعمة لحق الشعب الجنوبي في تقرير مصيره واستعادة دولته وبما أن الثقة والإصرار على مواصلة المسيرة الثورية والإيمان المطلق بعدالة القضية الجنوبية وحق الشعب بالتحرير والاستقلال وهما صمام أمان النصر الأكيد.. وطالما نحن الجنوبيون أصحاب الحق في وطن نحن أبناءه وأرض نحن ملاكها وثروة نحن أصحابها.. فيجب علينا
حمايتها والدفاع عنها مهما كانت التضحيات وبدون تقديم أي تنازلات تنتقص من حقنا في التحرير والاستقلال الكامل فالطابع السلمي للثورة الجنوبية لم يكن عائقاً بأي حال من الأحوال أمام حق الدفاع عن النفس.. الأرض..العرض.. وهذا ما يجب أن تعلمه عصافير التواصل وتماسيح النظام المتغازلة في فنادق القاهرة والذي تزامنت لقاءاتها بالمهندس السياسي لعمليات الإبادة في الجنوب عبدالكريم الإرياني مع الحملة العسكرية لمداهمة ساحة الشهداء بالمنصورة والتي كانت بمثابة رسالة واضحة قدمها النظام مختومة بالدماء الجنوبية في ساحة الشهداء بالمنصورة بموجب فتوى شيخ النفاق والإرهاب عبدالمجيد الزنداني التي أعطت الإذن (للأحمرين) حميد الأحمر وعلي محسن الأحمر بإطلاق العنان لقواتهما باقتحام ساحة الشهداء وقتل كل من فيها رسالة تحمل في طياتها حقد أسود وغضب عارم من صمود هذا الشعب الثائر في
وجه الاحتلال. ولعل نظام الاحتلال قد استلم إجابة على رسالته من خلال الاحتفالية المليونية يوم الـ7 من يوليو بدماء جديدة في ساحة الشهداء بالمنصورة الذي استطاع أبناء الجنوب أن يجعلوا ذكرى ذلك اليوم المشئوم إلى ذكرى لانطلاقة الثورة الجنوبية السلمية بإضافة رقم جديد هو 7/7/2007م اليوم الذي انطلقت فيه الشرارة الأولى للثورة الجنوبية الذي نحتفل اليوم بذكراها الخامسة وبالتالي فإننا نتسائل مع أنفسنا عن صناديد القاهرة هل قرأوا رسالة الإرياني وهل تمعنوا في مفرداتها أم أنهم لا زالوا مصابين بداء المركزية الديمقراطية المزمنة الذي قد تقودهم للحوار.. تمنياتنا لهم بالشفاء قبل أن تتحول أجسادهم إلى دُمى محنطة يتمكن النظام من وضعها أمام عدسات
التلفزة لزينة قاعة مؤتمر الحوار الوطني.