fbpx
إما الحوار وإما الدمار !

بقلم: عبدالرب السلامي

خروج الرئيس هادي من صنعاء إلى عدن، والدعم الخليجي له ماديا وسياسيا، أربك المشهد وخلق معادلة جديدة في الساحة اليمنية، لكنها ليست كما يظن المتشوقون للحل العاجل والسريع نحو تحرير صنعاء، وليست كما يظن الحالمون بعودة سيناريو 94م من معاشيق عدن!

فالرئيس هادي ليس مع الحسم العسكري، وخروجه من صنعاء ليس لإعلان الانفصال، وخيار الأقاليم الستة ليس قرآنا منزلا، والسعودية ودول الخليج حازمة أمرها لمنع تسليم اليمن لإيران، لكنها لا زالت تدفع باتجاه الحل السياسي وليست مستعدة للدخول في حرب مباشرة في اليمن..
وبالمقابل إيران ليست قادرة على دفع فاتورة حرب طويلة الأمد فضلا عن تغطية ميزانية دولة بحجم اليمن، وروسيا ليست حليف مبادئ كالاتحاد السوفيتي القديم..
أما أمريكا فلا تقلقها الحرب ولا يسرها الاستقرار، فشعارها في المنطقة: “اذهبوا يا عرب حيث شئتم فسيأتيني خراج أرضكم”!

ومن هذا المنطلق نستطيع القول أن مشروع التسليم والاستلام الإيراني الأمريكي لن يتم في اليمن في ظل الموقف الخليجي الحازم، ومعناه أيضا أن الحل السياسي لن يكون خليجيا خالصا، وأن شرعية الرئيس هادي ليست هي قوة الحل، ولكنها ستبقى نافذة مهمة للعبور إلى الحل السياسي إذا أحسن الفرقاء السياسيون استغلالها..

هذه المعادلة المعقدة لم يستوعبها إلى الآن سوى بعض العقلاء في الأحزاب السياسية والحراك الجنوبي وجماعة أنصار الله..
ولهذا بدأنا نلمس تغيرا في المواقف المتشددة باتجاه دفع شبح الصراع الصفري والبحث عن آفاق للتسوية السياسية..
ولهذا عاد قادة الأحزاب السياسية الرئيسية للحوار في صنعاء..
وبدأت الأصوات العاقلة داخل جماعة أنصار الله تطالب بالتراجع عن الإعلان الدستوري، وتطرح خيارات التسوية السياسية.
وفي الحراك الجنوبي بدأ التحرك السياسي الجدي للقيادات الواعية نحو مشروع الحل السياسي للقضية الجنوبية في ظل دولة اتحادية قابلة للحياة..

لكن المشكلة لاتزال في الأطراف التي لم تستوعب المعادلة السياسية المحلية ولا الواقع الإقليمي والدولي المتغير، وبالتالي فهي جامدة على مواقفها القديمة القائمة على الحل الصفري فقط!

فهناك بعض القوى السياسية التي لاتزال ترفض الحوار مطلقا وتطالب الرئيس هادي بإعلان حرب تحرير صنعاء..
وهناك التيار “الثورجي” داخل جماعة أنصار الله الذي لا يزال يسيطر على هاجسه الوعد الأمريكي بتسليمه حكم اليمن..
وهناك بعض فصائل الحراك الجنوبي التي لاتزال ترفض التعامل مع الرئيس هادي مالم يعلن الاستقلال الفوري والناجز من جبل معاشيق..

تلك العقليات الصفرية قد لا تقدر قيمة الحل السياسي في لحظة الفتنة، لكنها قد تبحث عنه يوما ما من تحت أنقاض الدمار ولن تجده، لأن أطراف اللعبة قد تكون يومئذ شخوصا أخرى لا تعترف بالشراكة السياسية ابتداء