fbpx
السعودية محاصرة من إيران الشيعية وتنظيم الدولة السني … وأول امتحان للقيادة الجديدة سيكون اليمن
شارك الخبر

يافع نيوز – القدس العربي

ما هي الدوافع التي تقف وراء تصريحات زكريا الموسوي حول الدور السعودي بدعم تنظيم القاعدة؟ فقد زعم الموسوي الذي حكم عليه بالسجن مدى الحياة لدوره في هجمات أيلول/ سبتمبر 2001 أنه تلقى أموالا من شخصيات سعودية بارزة حتى بعد إعلان أسامة بن لادن الحرب ضد الولايات المتحدة والصلييبة والصهيونية عام 1998.
ففي شهادة أمام المحكمة هذا الأسبوع قال الفرنسي من أصل جزائري إنه التقى بدبلوماسيين سعوديين يعملون في واشنطن لمناقشة خطة لاغتيال الرئيس الأمريكي باستخدام صاروخ أرض – جو كما وخطط لتفجير السفارة الأمريكية في لندن.
ورفضت السفارة السعودية الاتهامات ونقلت عنها صحيفة «نيويورك تايمز» وصفها الموسوي «بالمجرم المعتوه» ولا مصداقية لما يقوله.

علاقات قديمة

وبحسب تقرير»نيويورك تايمز» الذي أعده بن هابارد وشين سكوت تحت عنوان «علاقات سابقة لـ9/11 تلاحق السعوديين بعد ظهور اتهامات جديدة».
وبدأ التقرير بالحديث عما أسماه تحالف قوي بين العائلة المالكة ومؤسسة المشائخ لدعم وتمويل الجهاد العالمي حيث تم إرسال ملايين الدولارات للجهاد الأفغاني والبوسنة وغيرهما. وتحول جزء من المقاتلين في هذه الحروب خاصة الأفغانية إلى أتباع لتنظيم القاعدة.
ويقول مسؤولون نقلت عنهم الصحيفة من إدارة جورج بوش السابقة وإدارة أوباما الحالية إن الحكومة السعودية وخلال العقد الماضي أصبحت حليفا مهما في الحرب على الإرهاب وانضمت في العام الماضي للتحالف الدولي ضد تنظيم «الدولة الإسلامية».
ومع ذلك فتعاون السعودية التكتيكي مع المجاهدين في السنوات التي سبقت هجمات أيلول/ سبتمبر 2001 لا تزال تلاحق السعوديين.
وهنا تشير لمزاعم الموسوي الأخيرة. ونفت السعودية الاتهامات مشيرة إلى أن الموسوي إرهابي مدان ولديه تاريخ من المعاناة في الأمراض العقلية ونشر الأكاذيب حول السعودية. وقد انضم الكثير من الخبراء في السعودية ومكافحة الإرهاب للنظر في هذه المزاعم وعبروا عن شكوكهم فيها.
ووجه الشك أن زعيم القاعدة أسامة بن لادن جرد من جنسيته في عام 1994. وكما يقول البروفسور برنارد هيكل، المتخصص في شؤون الشرق الأوسط بجامعة برينستون إن زعيم القاعدة كان يكتب بدون توقف ضد النظام السعودي ويعمل للإطاحة به. ومن هنا ففكرة قيام السعوديين بدعم حركة تريد تدميرهم لا معنى لها.
ولكن مزاعم الموسوي أثارت الانتباه نظرا لموقف لجنة التحقيق في هجمات 9/11 والدور السعودي في الهجمات وأكثر من هذا استخدام السعودية لأموال النفط لدعم سياساتها الخارجية كما هو الحال في سوريا وليبيا.
ولكن مزاعم الموسوي تعود إلى سنوات الثمانينات من القرن الماضي عندما كانت السعودية والولايات المتحدة متحالفتين لتمويل ودعم المجاهدين الأفغان الذين كانوا يقاتلون الغزو السوفييتي لبلادهم، وهم الذين اعتبرهم الرئيس الأمريكي رونالد ريغان «مقاتلو حرية».
ومن هنا فالدعم الذي يتحدث عنه الموسوي وجاء من أمراء كبار غير صحيح. لا يستبعد أن يكون تنظيم القاعدة حصل على مساعدات من متبرعين خاصين أما من مسؤولين كبار كما يزعم الموسوي فلا.
ومن بين المتبرعين الذي ذكرهم الموسوي الأمير تركي الفيصل، مدير المخابرات السعودية السابق والأمير بندر بن سلطان الذي كان سفيرا في واشنطن.
ويقول غريغوري غوس من جامعة «تكساس إي. أم» إن كلا الأميرين شغلا مناصب في الحكومة نفسها التي كانت القاعدة تريد الإطاحة بها.
ويقول تشارلس فريمان الذي خدم كسفير في السعودية ما بين 1988 -1992 إنه حاول تحذير السعوديين من مخاطر التطرف الديني بدون نتيجة. وقد تغير الأمر بعد التسعينات. ومن بين الأسماء التي يذكرها الأمير الوليد بن طلال الملياردير المعروف ورجل الأعمال وصاحب المشاريع المتعددة. ويقول غوس «أشك في أنه كان داعما طبيعيا للقاعدة».
ورد مكتب الأمير على تساؤلات الصحيفة جاء فيه إن «اتهامات الموسوي الإرهابي المدان غير صحيحة» و «لم يتردد الأمير في شجب القاعدة وحلفائها».
ولم يرد الأمير تركي الذي يسافر كثيرا أما الأمير بندر فلم تستطع الصحيفة الوصول إليه. وأشار المسؤولون السعوديون إلى محاكمة الموسوي حيث أكد محاميه عام 2002 أنه يعاني من مشاكل نفسية ووهم كبير.
ومعروف عن الموسوي أنه يكتب وبشكل مفرط رسائل إلى القضاة. ورسالته التي عرض فيها الشهادة في دعوى تقدم بها ناجون من 9/11 ضد السعودية هي التي قادت لشهادته المكتوبة في تشرين الأول/ أكتوبر 2014 وبعدها كتب للقاضي الفدرالي في أوكلاهوما رسالة يتهم فيها الأمير تركي وزوجة الأمير بندر هيفاء الفيصل بإرسال أموال ضخمة لمنفذي الهجمات.
ولم يقدم تفاصيل أخرى غير أنه قابل الأمير تركي في مدينة نورمان- أوكولاهوما عام 2001. ولم يتم العثور على أي إشارة لزيارة أمير سعودي للمنطقة في تلك الفترة. ويقول خبراء إن بعض المهاجمين والموسوي ربما حصلوا على مساعدات مالية كونهم طلابا ولا علاقة لهم بالهجمات. جاء التغيير في الموقف السعودي وبشكل كبير بعد موجة الهجمات التي استهدفت السعودية في عام 2003 واستمرت حتى 2005 حيث يقول فريمان «لأ أعتقد أن السعوديين فهموا طبيعة التهديد إلا في بداية القرن الحالي عندما بدأت القنابل تنفجر وتقتل الناس». ومنذ ذلك فالتعاون الأمني مع الولايات المتحدة جيد لكن السعودية واصلت دعم جماعات غير القاعدة في سوريا وليبيا.

شخصية غريبة

وتعيد اتهامات الموسوي الجدل حول دور السعودية في دعم القاعدة، مع أن شهادة الموسوي (46 عاما) تأتي في وقت تشهد فيه العلاقات الأمريكية ـ السعودية تحسنا وتعاونا واسعا في المجال الأمني لمواجهة تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» والذي يعتبر من إفرازات تنظيم القاعدة.
ويظل موسوي شخصية مثيرة للجدل فقد اختير في اللحظة الأخيرة للمشاركة في الهجمات. ولم يستطع الإنضمام للمجموعة إما لأنه لم يكن قادرا على الوصول في اللحظة المناسبة أو لعدم قدرته على الطيران وإما قد تكون القاعدة قد استبعدته من الخطة في اللحظة الأخيرة. وكان دوره سيحبط العملية كليا.
وفي تعليق كتبه جيسون بيرك في صحيفة «الغارديان» قال فيه إن الموسوي رغم تصرفاته الغريبة إلا أن القاضي اعتبره عام 200 مؤهلا للوقوف أمام المحكمة والدفاع عن نفسه.
ويضيف بيرك أن بعض ماجاء في الشهادة منطقي والبعض الآخر لا يمكن تصديقه. فوصف الموسوي لقندهار في جنوب أفغانستان حيث عاش كان دقيقا. وكذا وصفه لعمل القاعدة الداخلي في أفغانستان، حيث كان التنظيم يدير مختبرات لتصنيع المتفجرات.
وربما فكر بن لادن في مرحلة استخدام شاحنات مليئة بالمتفجرات وتفجير السفارة الأمريكية في بريطانيا عام 1999 كما فعل قبل ذلك بعام مع سفارتي واشنطن في تنزانيا وكينيا. ورغم ذلك فهناك ثقوب عديدة في شهادة الموسوي، فهو يقول إن زيارة لوالدة بن لادن لأفغانستان عام 1999 تمت بترتيب من مسؤول كبير في المخابرات الباكستانية وهو حامد غول، لكن هذا كان قد ترك الإستخبارات منذ وقت طويل. وكذلك ادعاؤه أن بن لادن كان يحترم ويطيع المشايخ السعوديين.
وفكرة أن يعين بن لادن شابا فرنسيا لغته العربية مكسرة ووصل للتو إلى أفغانستان عبر الشيشان فكرة خيالية. ويصف الموسوي أنه ركب طائرة خاصة من أجل مقابلة الأمراء السعوديين عام 1999 بعد تفجيرات شرق إفريقيا ليسلمهم رسائل من بن لادن وليعود محملا بالأموال. صحيح أن الأمراء السعوديين تبرعوا للجهاد الأفغاني في الثمانينات من القرن الماضي وربما أسهموا بدعم أفراد من الشرق الأوسط يقاتلون في أفغانستان، لكن علاقة بن لادن تراجعت مع العائلة السعودية الحاكمة وجرد من جنسيته وفي عام 1995 و 1996 نشر بيانات اتهام لاذعة ضد السعودية.
وحاولت الحكومة السعودية إقناع ملا عمر زعيم طالبان بطرد بن لادن، بل وسافر الأمير تركي الفيصل في عام 1998 إلى أفغانستان لأخذه من هناك، ولكن ملا عمر تراجع عن تعهده، وعليه ففكرة نقل أموال من قصور الأمراء تبدو باهتة.
ولا يستبعد أن يكون الموسوي قد التقى دبلوماسيا سعوديا في قندهار، لكن فكرة إطلاق صاروخ ستينجر على «إير فورس وان» طائرة الرئيس الأمريكي لا يمكن لعقل تصديقها.

محاولة للخروج

ويتساءل بيرك عن السبب الذي يدعو موسوي الخروج اليوم ويتهم السعودية؟ ويجيب إنها محاولة منه لإلغاء الحكم الصادر عليه. فهو وإن اعترف بالجرم لكنه أكد أنه لم يكن جزءا من مؤامرة 9/11 وأنه كان في أمريكا للقيام بهجمات أخرى. وفي عام 2010 رفضت محكمة استئنافا تقدم به.
وربما جاءت الإتهامات الأخيرة محاولة للخروج من قسوة الحياة في السجن عالي السرية «سوبرماكس».
وتأتي اتهامات الموسوي في وقت مثير، خاصة أن النائب الأمريكي السابق بوب غراهام قد طالب بنشر 28 صفحة حذفت من التقرير الرسمي حول ظروف تنفيذ هجمات نيويورك وواشنطن والذي جاء في 800 صفحة، وتؤشر الصفحات بأصابع الاتهام للسعودية باعتبارها الممول الرئيسي للمنفذين.
ولم تكشف عن محتوى الصفحات رغم حديث الرئيس أوباما لعائلات الضحايا إنه يرغب برؤيتها منشورة.
ولكن الوفد الكبير الذي قاده بعد وفاة الملك عبدالله لتعزيز العلاقة مع الملك الجديد سلمان بن عبدالعزيز يجعل من نشرها أمرا ممكنا.

من يمول تنظيم الدولة؟

وتساءل روبرت فيسك عن الدور الذي لعبته السعودية في إشعال نار «تنظيم الدولة الإسلامية» وجاء سؤاله في ضوء الفيديو الذي أظهر حرق الطيار الأردني معاذ الكساسبة، حيث يقول إن وزارتي الخارجية والدفاع منقسمتان فيما بينهما حول الدور السعودي.
ففي الوقت الذي ترفض الخارجية أي دور، ترى البنتاغون أن كل طرق الإسلاميين تقود إلى الرياض وأشار فيسك إلى تقرير صحيفة «نيويورك تايمز» واتهامات الموسوي الأخيرة حيث زعم الإنتحاري رقم 20 أنه مرر رسالة مرة إلى الأمير سلمان ـ الملك الحالي- حملها إياه بن لادن.
ويشكك فيسك مثل بيرك بمصداقية عضو صغير في التنظيم وأنه كان على صلة مع أمراء العائلة الحاكمة، وعلاقتهم بأمر حدث قبل 13 عاما أو كان مسؤولا- أي الموسوي ـ عن قاعدة بيانات للأشخاص الذين يتبرعون للقاعدة والتي يقول إنها كانت تضم الأمير تركي الفيصل والأمير بندر بن سلطان، الذي كان في حينه سفيرا للرياض في واشنطن. وفي تناول فيسك للموضوع يحاول أن يربط قضية تمويل القاعدة بمن يمول الآن «الدولة الإسلامية».
فهو يعيد هنا ما قيل سابقا عن العقيدة الوهابية وعلاقة السعودية بطالبان التي تلقت دعما ماليا وأخلاقيا من السعوديين، وعن بن لادن السعودي والذي التقى مرة مع تركي الفيصل أثناء زيارة الأخير للباكستان وأن منفذي الهجمات هم سعوديون وما إلى ذلك.
ورغم تأكيد السعودية على براءتها من الهجمات إلا أن تقريرا أعدته مؤسسة راند التي تقدم تقارير للمؤسسة العسكرية الأمريكية وقدمته بعد هجمات 9/11 وصفت فيه السعودية بأنها «بذرة الشر» وأنها «كانت فاعلة على كل مستوى في سلسلة الإرهاب».
ويعود فيسك لمسألة من يمول تنظيم الدولة الإسلامية؟ ويجيب أن الدول الغربية قدمت تفاصيل عن اقتصاد التنظيم الذي يمول عملياته من تهريب النفط والخطف وسرقة خزانات البنوك والضريبة لكن الأموال التي يحصل عليها من كل هذا لا تكفي لإدارة مناطق يحكمها أكبر من مساحة بريطانيا، وهنا لا بد من دعم خارجي يأتي للتنظيم من ممولين خاصين في الخليج ومنهم السعودية، هذا ما يقترحه الكاتب، مع أن الولايات المتحدة لم تجد دليلا على تورط حكومات المنطقة على المستوى الرسمي.

في مواجهة التحديات

ونعود للتساؤل هل السعودية اليوم في وضع كي تدعم تنظيم الدولة الإسلامية، فهي كما تقول كارين إليوت هاوس في مقال مطول لها نشرته مجلة «التايم» الأمريكية تواجه وضعا صعبا فرغم سلاسة انتقال السلطة إلا أن سياستها الخارجية عانت من انتكاسات في اليمن وسوريا والعراق وليبيا ومصر.
وكما تقول إن السعودية وإن أرادت بنقلها الهادئ للسلطة إرسال رسالة لجيرانها عن الاستقرار الداخلي والاستمرارية لكن الواقع هو أنها محاصرة من كل الجهات بتهديدات ومشاكل. فالسعودية التي عبرت عن استقلالية وحزم في السياسة الخارجية في السنوات الماضية ستواصل مسارها.
لكنها ستتأثر بخطوط الفصل والنزاع التي تفصل سكان المنطقة وتحديدا النزاع السني- الشيعي وتحديد طبيعة الحكم الصالح بعد نهاية عهد الرؤساء الأقوياء. ومن أهم التحديات الخارجية التي تواجهها المملكة هي المنافسة مع إيران.
وتبدو الأخيرة الرابحة في الحرب الإقليمية خاصة بعد انهيار النظام السياسي الذي كانت تدعمه السعودية في اليمن وسيطرة الحوثيين على السلطة. وتتحدث هاوس عن الطريقة التي تحركت فيها إيران واستفادت من الفراغ الذي أحدثته الولايات المتحدة في العراق عام 2003 بالإطاحة بصدام حسين.
لكن التحديات التي تواجهها السعودية تظل داخلية ونابعة من تهديد تنظيم «الدولة» حيث نقلت عن مسؤولين أمنيين إعجابهم بقدرة التنظيم على نشر رسالته من خلال وسائل التواصل الإجتماعي والإنترنت، لدرجة أصبحت فيها الدولة كما يقول الخبير في مكافحة الإرهاب بمؤسسة راند، ري جينكز «موضة بين الشبان المسلمين».
وتحاول السعودية مواجهة تأثير الدولة من خلال تشريعات وعقوبات للذين يشاركون في القتال. وفي الوقت نفسه إشغال الشباب بهوايات وفرص اخرى مثل فتح نواد للرياضة. وكان الملك الراحل عبدالله قد سمى إبن أخيه الأمير عبدالله بن مساعد كمسؤول عام لرعاية الشباب. وتقول هاوس إن المشكلة التي تواجه السعودية هي لها علاقة بالحداثة، فهناك جيل من السعوديين ممن يريدون السفر إلى سوريا للقتال وإعادة مجد الإسلام وهناك من يبحثون السفر عن طريقة لتغيير حياتهم والمغامرة، وهناك فئة ثالثة وهي الغالبية الصامتة. وتعتقد الكاتبة أن القيادة السعودية ستظهر حسما في الملف الداخلي وعدم التسامح مع المعارضة ومواجهة إيران.
والامتحان الأول سيكون في اليمن، والتعامل مع وكلاء إيران هناك. وفي النهاية تتساءل عن الكيفية التي ستتعامل فيها الولايات المتحدة مع السعودية، خاصة أن اهم مصلحتين لها في المنطقة هي حماية أمن إسرائيل، وتأمين تدفق النفط. وفي النهاية ما سيحسم العلاقة مع السعودية هي إيران، ففي حالة استطاعت إيران الحصول على القنبلة النووية فلن تتأخر السعودية بدعم من باكستان في الحصول عليها كما تقول.

أخبار ذات صله