fbpx
هل قيادات الجنوب جادة في قيام دولة مستقلة ؟
مع وتيرة استمرار الاعتصام الجنوبي المفتوح يتردد – مؤخرًا – هذا السؤال المهم: هل القيادات الجنوبية جادة في إعلان الانفصال؟ سؤال يتردد لدى بعض الإخوة (أبناء الشمال)، وقد لاحظنا هذا التساؤل في العديد من الصحف بأسماء وعناوين مختلفة، ولسنا بصدد الرد على ماجاء في تلك المقالات، ولكن نقول من باب المساهمة في التوضيح لمن لايزال يشكّل عليه الأمر إليكم التالي:
(1) أن الجنوب ليس جزءًا من الشمال لكي ينفصل، بل كان دولة ذات سيادة مثلما كان الشمال دولة ذات سيادة، وجمعتهما وحدة سياسية طوعية اعترف الجميع، بمن فيهم مؤتمر الحوار الوطني وكل القوى السياسية والدول الراعية، بأن هذه الوحدة قد فشلت بسبب نتائج حرب94م وماثلها من سياسات خاطئة، وبالتالي رغم غياب الأغلبية الساحقة من قوى الحراك والمعنية بقضية الجنوب عن الحوار الذي تم وثبت فشله كان الحل من وجهة نظر مؤتمر الحوار الانتقال للاتحاد الفيدرالي بين الدولتين، غير أن هذا المشروع سقط بما جرى ويجري من تطورات سياسية وعسكرية على الأرض، وإن كان ما جرى لم يكن الجنوب طرفًا فيه، وشأن يخص القوى المتصارعة على السلطة، لكنه قد أفقد الجنوب الأمل ببناء اتحاد فيدرالي؛ لأن الصراع سيستمر بين المنتصر والقوى التي سقطت، وربما بين المنتصرين أنفسهم وبين أجنحة السلطة، ولعل ما يجري داخل المؤتمر من صراع وقرار إقالة هادي يؤكد فشل أي حلول.
(2) نأسف لوجهة نظر من لا يزال يعتقد بأن ما يجري في الجنوب منذ ثمانية أعوام هو ابتزاز سياسي، وهذا دليل على عدم فهم الواقع، ونعتبره ردة فعل ممن يشكون من الأخطاء التي ارتكبت من بعض الجنوبيين في السلطة، مع أننا نستغرب كيف يشكون من أخطاء ثلاث سنوات، وينكرون ما حصل للجنوب خلال ثلاثة وعشرين عامًا؟، فالشعب الجنوبي مستمر في ثورته، ولن يتوقف، فلو كانت القضية الجنوبية هي مصطنعة لانتهت منذ سنوات، ولكان الرئيس السابق صالح المعروف بشطارته السياسية قد قضى عليها بأموال السلطة ومناصبها، لكن الجنوب قضية شعب لم يعد أحد من الناس، مهما بلغ شأنه، أن يقول: القضية انتهت بمجرد حصوله على مصالحه الخاصة.. نعم هناك ابتزاز، ولكنه ضد الجنوب وليس العكس، من خلال الاعتماد على الحلول الترقيعية للقضية الجنوبية ومحاولة استرضاء بعض الجنوبيين باسم الجنوب من أجل القول بأن السلطة بيد الجنوب، وإن القضية هي قضية سلطة، وليست كما تطرحها الوقائع من نهب وتدمير لدولة الجنوب، ولمن يريد الاطلاع هناك مجلدات وكتب تم إصدارها لشرح قضية الجنوب، وقد تكون هناك بعض التصرفات الفردية من هذا أو ذاك باسم الجنوب وحماية الوحدة، غير أن الشعب الذي يخرج بمهرجانات مليونية ومعتصم بالساحات وبتبرعات الجنوبيين الطوعية لم يخرج لابتزاز الشمال، بل ليطالب بحل قضيته وفق ما يحقق تطلعاته وخياراته المشروعة، وبصورة حضارية سلمية.
(3) لمن لا يزال يشكل عليه ما يجري اليوم من تصعيد سلمي ثوري جنوبي ندعوه لزيارة ساحات الاعتصام ليرى بنفسه حقيقة الزخم الثوري والشعارات والأهداف المرفوعة، وهي مطالب يدرك الكثير من قادة الحراك السلمي ومكونات الجنوب أهمية التعامل الحكيم معها بعيدًا عن المواجهة مع الشمال أو فرض القوة، وبأنها قضية تحتاج للتفاوض مع الشمال، وتحتاج لقيادة موحدة تستوعب كل القوى الجنوبية حتى يتم الوصول للحل النهائي لقضية الجنوب الذي يحقق تطلعات الملايين بصورة سلمية وأخوية مع أبناء الشمال، وعبر مرحلة انتقالية تحقق مصالح طرفي التفاوض المستقبلية بعيدًا عن أي صراع دموي، ولانتقص من حق شعب الجنوب في تقرير مصيره (الاستفتاء)، مع أن هناك الكثير من قوى الحراك من يرفض تقرير المصير، ويطرح – بقوة – مطلب التحرير والاستقلال واستعادة وبناء الدولة الجنوبية والتفاوض على هذا الأساس فقط.. أما الفيدرالية، بحسب ما جاء في مؤتمر الحوار، فلم يعد لها قبول أو مساحة في الواقع سواء عند نسبة بسيطة بسبب أنها تريد تقسيم الجنوب.
(4) يعتبر الاعتصام الجنوبي المفتوح المرحلة المهمة في الثورة السلمية الجنوبية، ولا يوجد قرار رسمي بشأن ما الذي سيتم في 30 نوفمبر – اليوم المحدد لنهاية الاعتصام الحالي – فقوى الحراك ومكوناته السياسية ما تزال تدرس ما الذي يجب اتخاذه من قرارات مناسبة وواقعية وسلمية، ومن يقول لماذا لا يعلنون استقلال الجنوب ويخلصونا من هذا الوضع، فهو يتكلم بردة فعل ولا يهمه ماذا سيترتب عن إعلان قيام دولة في الجنوب من تداعيات إذا ما تم من طرف واحد، وعلى من يتساءل من أبناء الشمال، ويقول: الجنوب ليس جادًّا في انفصاله.. فعليهم أولاً القبول بالتفاوض ثم الاستفتاء ليقرر الجنوب هل يستمر في وحدة فيدرالية بين الدولتين أم يستقل بدولته ويحفظ الجميع مصالحهم المشتركة، فالذي لم يقبل بالفيدرالية أو حق الجنوب في الاستفتاء كيف سيبارك استقلاله؟!.
والله من وراء القصد..
بقلم عميد متقاعد/ علي بن شنظور
عن الوسط