fbpx
قــهــر الـرجـــال

ندرك جيدا بأن كثيرا من الشرفاء لم يدخروا جهدا، وسخروا أنفسهم لرفع الظلم عن الأسير (المرقشي)، وفي مقدمتهم الأخ فريد صحبي، وأن هناك من ذاق مرارة المعاناة نفسها كالراحل هشام باشرحيل ـ طيب الله ثراه ـ ولكننا أيضا نشعر بالاشمئزاز من القشور التي طفت على سطح المشهد الجنوبي من جديد، والذين أصبحوا بين عشية وضحاها وجوها لامعة!.

أخي الشجاع أحمد العبادي المرقشي.. أمثالكم لا يستجدون عطف السجان، ويعيشون أحرارا حتى وراء القضبان، وكثير منا ينشرون غسيل ذلهم كل يوم على أبواب (صنعاء)!.. أنتم تنالون شرف الشهادة أحياء، فيما كثيرون يعيشون على ظهورنا هباء!.. أقسم بالله العظيم بأنك لوكنت جبانا كانوا تركوك.

نعلم بأن ساستنا من هم في رأس السلطة أو في ذيلها جميعهم خذلوكم، وحتى المستشارين، والمناضلين من زاروكم في معتقلكم، وانتهزوا اللحظة، وحرصوا على التقاط الصور التذكارية معكم عادوا من (صنعاء) بالابتسامات الصفراء، ولم يحملوا لرفيقة دربكم، ولفلذات كبدكم غير الوعود، وكثيرا من الأعذار والغثاء، لا نبرئ أنفسنا، ولكن يظل عزاؤنا الوحيد أننا لا نملك غير سلطة الكلمة، وعدالة القلم، وهذا لا يكفي في زمن العربدة.

علينا الاعتراف بأن ضعفنا ظلم (المرقشي)، فالعدالة التي حجبوها عنه سنوات طويلة كان يمكن لقانون القوة أن ينزع عنها قناع الباطل، ويمنحه حريته في لحظة، نعم نفتخر كونه مواطنا جنوبيا، ولكن هناك سؤال غير بريء يعبث في رؤوسنا، ولا يستطيع ضميرنا تجاهله.. ماذا لو كان (أحمد المرقشي) من أنصار (الحوثي)!؟.

ثورتان في (صنعاء)، ومازال أحمد المرقشي أسيرا في سجونها، ورحل نظام (صالح)، ولكن عدالتهم لم تتغير.. فثورة الربيع التي أمست (أزمة) منحت حصانة للقتلة، وكفرت بمواطنة (المرقشي)، وحتى مؤتمر (حوارهم) لملم أوراقه، وظلت قضيته نقطة حبر على هامش صفحة، ودخل أنصار الله (صنعاء) ثائرين على (الجرعة)، ولم يغمض لهم جفن حتى حرروا إخوانهم (الإيرانين) المتهمين بتهريب السلاح، وأدارت (ثورتهم) ظهرها (للمرقشي).

الأكيد أننا نحترم مشاعر أسرة الطفل (المصري)، ونشاطرهم أحزانهم، ودافعنا عن (المرقشي) ليس لأنه مواطن جنوبي فقط، ولكن لكونه إنسانا مظلوما، وكل البراهين تثبت براءته، وكلنا يعلم بأن محاكمته لا علاقة له بالعدالة، وإنما ابتزاز سياسي، وعقاب لمواقفه الرجولية، فمنهم من يعتقد أن (المرقشي) تجاوز خطوطهم الحمراء، وقد كان عليه أن يرضى بالحياة التي وهبوها له، ويعيش بكرامة ناقصة، وبمواطنة من الدرجة العاشرة.

نحسن الظن بفخامة الرئيس (هادي)، ولكن لا نستطيع أن نعفيه من المسئولية، فقد نتظاهر بأننا نفهم الأوضاع السياسية المعقدة، ولكن من الصعب أن يستوعب البسطاء بأن رئيس الجمهورية ينتظر الوقت المناسب لإنصاف شخص مظلوم.. (خمسون عاما)، ونحن نحفظ درس (الرئيس) بتفاصيله، وحذافيره، فهو القائد الملهم، والآمر الناهي، و(بشخطة) من قلمه يرفعك إلى السماء، وبإشارة من أصبعه يمسح بك الأرض، واليوم تطلبون منا نسيان كل ما حفظناه‼.

قد تكون كلماتنا قاسية، ولكننا على قناعة بأنه مهما كانت درجة قسوتها فهي لا تساوي مثقال ذرة مقارنة بأنين مظلوم في جوف زنزانة، ودمعة واحدة في عين رجل مقهور.. فقبل أن تتوسد رؤوسكم (المخدة) الناعمة، تسترخي أجسادكم في مضاجعها الدافئة، وتشم أنوفكم رائحة أطفالكم.. نسألكم أن تتذكروا بأن هناك رجلا شجاعا يسكن سجون (صنعاء) منذ أكثر من ثماني سنوات دون جريمة.. اللهم إننا نعوذ بك من قهر الرجال!.