fbpx
الــرئيــس هــادي لا يــأخـذ بـالنـصائـح إلا مـتـأخــراً

في عدد من المقالات بعضها كتبت منذ عدة أشهر وربما لو أخذ البعض منها مبكراً لساهمت في التقليل من الخسائر والتداعيات، فالضرب على الحديد وهو ساخن بالإمكان تطويعه من الضرب عليه وهو بارد!!.

**أولا: وفي مقالة لي كتبتها بتاريخ 9 أغسطس الماضي بعنوان (وقفة أمام الأحداث الحالية والمطلوب عمله من الرئيس هادي) أوضحت في الفقرة (1) دعوة مجلس الأمن إلى الانعقاد في جلسة طارئة.

وكتبت هذا المقال في فترة حصار صنعاء من قبل الحوثيين قبل دخولهم العاصمة والتمركز فيها، والآن بعد شهرين وأكثر يتم دعوة مجلس الأمن للانعقاد في جلسة طارئة، وسيجتمع يوم غد الإثنين 13 أكتوبر، ويبدو أن ذلك جاء على إثر اجتماع السيد الرئيس بممثلي الدول العشر، وكان من الأفضل أن يعقد اجتماع مجلس الأمن بطلب من اليمن مباشرة وبعد التشاور مع الدول المعنية كما أشرت في مقالي وربما فضل الرئيس أن يتم طلب انعقاد مجلس الأمن من قبل الدول المعنية لاعتبارات الأوضاع الداخلية.

وأسرد هنا الفقرة المتعلقة بهذا الموضوع كما كتبتها في 9 أغسطس الماضي.

1 – دعوة مجلس الأمن إلى الانعقاد في جلسة طارئة، بتكليف وزير الخارجية اليمني التقدم بهذا الطلب إلى مجلس الأمن، ومن المحبذ أن يتم ذلك بالتنسيق مع بعض الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، فالأمر في صنعاء وحواليها لا يحتمل الانتظار، فقرار مجلس الأمن الأخير رقم 2140 لعام 2014 والبيانات الرئاسية اللاحقة أكدت على أمرين أساسيين: العمل على تنفيذ نتائج مؤتمر الحوار الشامل وإقراره إبقاء المسألة قيد النظر، وعليه يجب إشراك المجتمع الدولي في تحمل مسؤوليته أمام ما يحدث في اليمن وعلى الرئيس هادي أن يدعوهم بتحريكه إلى تحمل هذه المسؤولية، فسقوط عاصمة لدولة عضو في الأمم المتحدة ليس أمرا بسيطا، وما قد يترتب على ذلك من نشوب حرب أهلية وقيام عدد من دول المنطقة بالتدخل لمساعدة الأطراف الموالية لها.

**ثانيا: في مسألة ممارسة الرئيس صلاحياته الدستورية بتكليف رئيس الوزراء لتشكيل الحكومة، كتبت مقالا بتاريخ 2 أكتوبر الجاري بعنوان (سلطات الرئيس هادي الدستورية ليصبح سيد قراره) وفي الفقرة الأولى منه أشرت إلى أن موضوع (تكليف رئيس الوزراء اختصاص حصري لرئيس الجمهورية)، ما يعني ليس على أي طرف آخر تقييد سلطات الرئيس بهذا الشأن كما عمد اتفاق السلم والشراكة تقييد الرئيس بشروط يجب توفرها في اختياره شخصية الوزراء خلافا وانتهاكاً لنصوص الدستور النافذ الذي تم الاستفتاء عليه في فبراير 2001، وفعلا تنبه الرئيس إلى هذا التفسير الذي ربما كان وراء قراره (أقول ربما) بتكليف الدكتور أحمد بن مبارك لرئاسة الوزراء، وهنا مارس الرئيس بحق سلطاته الدستورية وثبتها أمام الأحزاب السياسية التي كانت ترى عكس ذلك، وهنا يجب التمييز بين قرار التكليف وفق سلطات الرئيس الدستورية وبين اعتذار الدكتور بن مبارك قبول التكليف، فهذا أمر آخر، ومما لا شك فيه أن الرئيس لو اعترض مبكرا أثناء إعداد اتفاق السلم والشراكة بتعارض النص المقيد لصلاحياته الدستورية لما حدث ما حدث بعد ذلك من تداعيات قرار التكليف.

**ثالثا: بخصوص القرارات الأخرى التي لايزال الرئيس يتردد باتخاذها والتي يجب اتخاذها الآن وليس غداً، في عدة مقالات أخيرة طالبت الرئيس بأن يقوم بتنفيذ مخرجات الحوار بخصوص القضية الجنوبية من إعادة هيكلة وزارة الخارجية كما قام بإعادة هيكلة المؤسسة العسكرية والأمنية بتعيين عدد من السفراء الجنوبيين في سفارات الدول الهامة وكذلك تعيين كفاءات جنوبية في مفاصل الدولة لإعادة التوازن في التمثيل، ولا يبدو أن هذا الأمر لاقى آذانا مصغية لدى الرئيس، وأشير إلى أنني تناولت هذا الموضوع في المقالين المشار إليهما أعلاه وبتفصيل أكثر في مقال سابق بتاريخ 3 / 9 / 2014 بعنوان (على الرئيس هادي ألا يفقد البوصلة الجنوبية وإلا فقد مصداقيته في الجنوب).

أليس من المحزن أن رئيس الوزراء السابق الأخ محمد سالم باسندوة وسلطاته الدستورية أقل من سلطات رئيس الجمهورية عين وفق ما ذكرته الزميلة الناشطة أمل الباشا 18 ملحقا ثقافيا غير مؤهل في غمضة عين، فلماذا لا يستطيع أو يتردد رئيس الدولة في اتخاذ قرارات بتعيين جنوبيين مؤهلين في السفارات الخارجية وفي بقية مفاصل الدولة وهو يمتلك السلطات الدستورية الكافية والوافية لعمل ذلك، إضافة إلى مخرجات الحوار، التقاعس عن عمل ذلك هو أمر فعلا محير جداً ويثير التساؤلات: هل بعد فوات الأوان وعند كتابة مذكراته مستقبلا سيعبر عن أسفه واعتذاره عن ذلك التقاعس؟.

**الخـلاصـة**

الوقت يمر بسرعة والأحداث تتطور بشكل مخيف ليست في صالح الرئيس هادي تردده وبطء اتخاذ القرارات الحاسمة، هي رسائل قد تفسر بالضعف وتشجع على تمادي الأطراف الأخرى، الشيء الذي يجب على الرئيس هادي أن يتخذه كعقيدة سياسية له أن قوته واعتماده بعد الله ستكون في شعب الجنوب، لا الجيش ولا الأمن ولا السفارات الرقيبة يمكن أن تقف بجانبه، يجب عدم نسيان تخلي الغرب عن سوهارتو وشاه إيران، ومؤخراً مبارك، حلفائهم بالأمس، وحين استنفدت مصالحهم منهم عقب المستجدات الجديدة وركبوا الموجة.. فهل سيستوعب الرئيس الدرس، آمل ذلك، له ولمصلحة الجنوب أولا وقبل كل شيء.