fbpx
صامد وحنان والده المفقود .

عادل حمران الشعيبي
صعد الخطيب على منبر صلاة الجمعة ،فاستمعنا له ونصتنا ،جلست جانب الباب وكنت أمنع حركة الأطفال حفاضا على هدوء المسجد ،خرج الاطفال يسرحون ويمرحون في الصالة الخارجية وخرج لهم احد العقلاء وهرعوا فرارا منه إلى داخل المسجد ،عاد الأطفال جميعا الى احضان آبائهم الا طفلّ واحد ،كنت احرس المسجد با اعيني واتابع كل حركات ذلك الصغير ، خرج الاطفال مرات عديدة ،وكان الشباب يجبرونهم على دخول المسجد ومع كل مرة يعودون الى احضان آبائهم الا صامد ،يعتبر صامد اصغر اصدقائي ،وتطورت علاقتي به حين كنت مسؤول عن مسابقات الاطفال في شهر رمضان وحين يطلع اسمه اجهر بأسمه عاليا وأهتف المتسابق صديقي صامد ،كان يبادلني صديقي الصغير نفس الشعور ونفس الآحترام .

بعد ذهاب الاطفال خارج المسجد والعودة كان صامد يتخبط بحثا عن يد حنونة وحضنا دافئ اسوة برفاقه ،تحرك صامد كثيرا فلم يطمئن قلبه ،نضر اليا وكنت ادقق بنظراتي اليه ،اسرع اليا وقال كيفك يا صديقي ابتسمت بوجهه واشرت له بأن يجلس بجانبي ،قفز نحوي وقال لي كل واحد جالس بحضن أبوه وانا عندك يا عادل ،قهرني كلامه كثيرا ،فلم اتمالك نفسي ،احتضنته وكلامه يهتف بوجداني عاليا ،

ذهبت بعيدا عن كلام الخطيب وضل كلام صامد يؤرقني كثيرا ،صامد يا سادة اصغر اولاد شهيد المقاومة البطل جمال الجوبعي وعدن اصغر بناته ،اخبروني من سيحضن صامد ،ومن سيمسح دمعته ،ومن سيدفيه من برد الحياة القارسة ،مع من سيشعر صامد با الأمن بعد أن غادر والده وترك الحياه بدون رجعه ،كنوز الارض كلها لن تغني صامد عن وجه ابيه ولا ابتسامته العابرة ولا نصائحه المؤثرة ،حين غادرت مسجد ذلك اليوم ضل صدى صوت صامد في مسامعي ،لا اخفي عليك يا صامد بأنني تمنيت في تلك اللحظة بأنني كنت مكان ابوك اهون لي من مشاهدتك وانت تبحث عن حنان ابوك المفقود فلم تجده،لا تحزن يا صامد فقد سمعت الكثير يقسمون بالله ويعاهدون روح والدك بانهم لن يتخلوا عنك ،سمعتهم يا صامد يبكون فوق جسد ابوك الطاهر ويعاهدونه بانهم لن يتخلوا عنكم ،لا تحزن يا صديقي الصغير فلو خلفوا عهودهم سيأتي اليوم الذي تعاتبهم فيه وكلنا سنعاتبهم معك يا صديقي .

اعلموا انني حين كتبت عن صامد لا اقصد صامد فقط ولكن يعتبر نموذجا حيء لكل أسر الشهداء ،اردت اخباركم بأن نحن مقصرون كثيرا مع صامد وكل الصامدين من أسر الشهداء ،اقل ما نعمله لهم كلمة طيبة وابتسامة عابرة ولكن أين من يعملون لأجل أسر الشهداء ،ما يألمني كثيرا بأن كل الاعمال والجهود التي تبذل اجتهادات فردية واعمال عشوائية ،ليس هناك صندوق منظم يهتم بأسر الشهداء ،يا قادات الحراك ويا كل من يمتلك ضمير انساني احمدوا ربكم كثيرا ،فأنتم في سعادة يفتقدها الكثير لن تتعوض مدى حياتهم ،فحنان صامد المفقود وألم اخوته وحزن أمه قد يضل طويلا وربما مدى الحياة،فكروا بكل أسر الشهداء فأنتم امام مسؤولية كبيرة سيحاسبكم عنها الله يوما ما .