fbpx
كورونا: السعودية تسعى جاهدة لجعل الحج آمنا من الفيروس
شارك الخبر

يافع نيوز – BBCعربي

قال مسؤولو الصحة في المملكة العربية السعودية إنهم يبذلون كل ما يستطيعون من جهود لتفادي تفشي وباء فيروس “كورونا” القاتل في موسم الحج الشهر المقبل.

سافرت تيوليب مازومدار، مراسلة بي بي سي لشؤون الصحة العالمية، الى المملكة لتكتب لنا التقرير التالي:

في الصحراء التي تقع على أطراف مدينة جدة، شاهدنا هذا المنظر المليء بالحب بين أحد الجمال ومربيه عبد السلام يوسف الذي كان يربّت عليه ويقبله.

وقال يوسف “أستيقظ في الصباح أنا وأولادي، وأول شيء نقوم به هو أن نقدم لهذا الجمل الطعام والماء.”

وتعتبر هذه الحيوانات مصدرا لملايين الدولارات التي تنفق في تجارتها، كما أنها تدخل في مجالات الترفيه والطعام في المملكة. إلا أنه يعتقد أيضا أنها هي المصدر لواحد من أحدث الفيروسات القاتلة في العالم، والذي يعرف باسم “كورونا”.

وبين الجمال، فإن انتقال الفيروس يتسبب في الإصابة ببرد طفيف، إلا أنه يمكن أن يكون قاتلا إذا ما أصاب البشر.

وتسبب الفيروس في وفاة 302 مصابا به في المملكة العربية السعودية منذ ظهوره عام 2012، كما أن هناك أكثر من 723 مصابا به.

وفي ذروة تفشي المرض في شهري إبريل/ نيسان ومايو/ أيار، كانت منظمة الصحة العالمية تنظر إعلان فيروس كورونا واحدا من طوارئ الصحة العامة.

وتضم أعراض الإصابة بالفيروس الحمى والسعال وضيق التنفس، كما يمكن له أن يؤدي إلى الإصابة بالالتهاب الرئوي والفشل الكلوي.

ومن بين المصابين بالفيروس، توفي ما يقرب من 40 في المئة، أغلبهم ممن كانوا يعانون بالفعل من مشكلات صحية لم تكن بادية عليهم.

إلا أن الطريقة التي ينتقل بها الفيروس من الجمال إلى البشر ليست واضحة، إذ يرى العملاء أنه ينتقل عن طريق إفرازات الأنف والفم التي يفرزها الحيوان المصاب، كما يمكن لحليب الإبل الخام أن يكون واحدا من ناقلات الفيروس.

بالرغم من تحذير المنظمات العالمية، لا يزال مربي الجمال عبد السلام يوسف يتناول حليب الإبل الخام كل صباح

وتقول منظمة الصحة العالمية إن على الذين يعملون بتماس مع الجمال ارتداء الأدوات اللازمة كالقناع الواقي والقفازات، كما نصحت المنظمة بتجنب شرب الحليب الخام للإبل.

إلا أننا لم نجد أحدا يتبع تلك التعليمات في سوق الجمال.

وقال يوسف “منذ 17 عاما وأنا أتناول حليب الإبل صباح كل يوم، ولا زلت بخير. كل شيء آمن هنا.”

ولا يزال غير واضح ما إذا كانت الجمال هي المصدر لهذا الفيروس، أو غيرها من الحيوانات كالخفافيش، ويعتقد أن فيروس كورونا ينتشر بين البشر عن طريق الرذاذ الذي ينشره المصابون به أثناء السعال أو العطاس.

وبالرغم من أنه رصدت حالات متفرقة للمرض خارج المملكة، إلا أن الغالبية العظمى من الإصابات به رصدت داخلها.

والآن، ومع استعداد ما يقرب من مليوني حاج لاداء فريضة الحج، فإن هناك مخاوف من حدوث انتشار للفيروس بدرجة خطيرة.

وقال البورفيسور طارق مدني، المستشار الصحي للحكومة السعودية فيما يتعلق بفيروس كورونا “قمنا بالكثير للتأكد من أن موسم الحج سيمر بسلاسة دون وقوع أي حالات إصابة بالفيروس. فإمكانية انتقال الفيروس بين البشر يعد مصدر قلق كبير في هذا الموسم.”

وتابع “يشهد هذا الموسم ازدحاما شديدا، وهو ما يعتبر ناقلا جيدا لانتشار العدوى التنفسية.”

إلا أن المسؤولين يقولون إن انتشار المرض أصبح في نطاق السيطرة.

وبالرغم من ذلك، فإن فيروس كورونا لم ينتقل إلى غالبية المصابين به من الجمال، بل انتقل إليهم داخل المستشفيات.

قضية نظافة

وتعني الإجراءات الضعيفة للسيطرة على انتقال العدوى أن المصابين بالفيروس ممن يدخلون إلى إحدى المستشفيات يمكنهم أن ينقلوا المرض بسرعة إلى مرضى آخرين داخل المستشفى أو العاملين فيها.

كما أن العالمين في المستشفى ممن لا يتخذون الخطوات الوقائية الأساسية، كغسل أيديهم أثناء العمل بين كل مريض وآخر ولا يرتدون الكمامات الواقية بشكل مناسب، هم من يقومون أيضا بحمل المرض ونقله لمرضى آخرين.

وقال الدكتور هاني جوخدار إن ثلث من أصيبوا بفيروس كورونا في مستشفى الملك فهد بمدينة جدة هم من العاملين في المجال الصحي.

وأضاف قائلا “عندما أصبح (الكثير) من العاملين في المجال الصحي ضحية للفيروس، كان ذلك بمثابة إنذار لنا بأن شيئا ما ليس على ما يرام. (وأدركنا) أننا بحاجة إلى اتخاذ إجراءات قوية للسيطرة على العدوى داخل المستشفى.”

وكان ذلك التطور في أعداد الحالات بعد 18 شهرا من تفشي الفيروس في المملكة سببا في أن يقيل العاهل السعودي وزير الصحة في حكومته إلى جانب عدد من المسؤولين الصحيين ويعين مكانه فريقا آخر، ليكون سببا في تحسن الأوضاع وبدء انخفاض حالات الإصابة.

والآن، تقول وزارة الصحة السعودية إن الآلاف من العاملين في المجال الصحي تلقوا تدريبات دقيقة فيما يتعلق بالسيطرة على العدوى.

وبينما كنا في المملكة، كان هانك ما يربو على 20 من المصابين بالفيروس يتلقون العلاج منه، ولم نتمكن من مقابلة أي منهم، بل لم يسمح لنا أيضا بمقابلة أي من عائلات المصابين.

تقول السلطات السعودية إنها فرضت إجراءات أكثر صرامة للحد من انتشار المرض داخل المستشفيات

وتواجه الحكومة السعودية اتهامات من قبل علماء دوليين بعدم الشفافية حول تفشي الفيروس، إضافة إلى أنها تستغرق وقتا طويلا في إجراء الدراسات الضرورية حول الفيروس والتعرف على مصدره.

وقال المركز الأوروبي لمكافحة الأمراض واتقائها إنه “ونظرا لمضي عامين على ظهور فيروس كورونا لأول مرة، فمن المؤسف أن تكون هناك حلقات كثيرة مفقودة فيما يتعلق بمعلوماتنا عن المرض.”

فيما تقول وزارة الصحة السعودية إنها تتعامل بشكل علني مع المنظمات الدولية، بما في ذلك منظمة الصحة العالمية ومراكز مكافحة الأمراض واتقائها في الولايات المتحدة للوقوف على طريقة انتشار الفيروس والمصدر الذي يأتي منه.

كثير من الغموض

ويقول مسؤولو الصحة السعوديون إنهم عززوا من استجابتهم لتفشي الفيروس من خلال إجراءات أفضل للسيطرة على العدوى في المستشفيات. وعملوا أيضا على تطوير أنظمة للمراقبة كإنشاء مركز جديد للقيادة والتحكم في مدينة جدة، يعمل على التنسيق للعزل السريع للحالات الجديدة من الإصابة بالمرض وعلاجها لمنع انتشار الفيروس.

وقال وزير الصحة السعودي المكلف عادل بن محمد فقيه “لم يعد فيروس كورونا أمرا خطيرا، سنعمل على التأكد من أننا مستمرون بالقيام بكل ما في وسعنا لجعل موسم الحج هذا العام آمنا لكل ضيوفنا.”

بينما لا تزال منظمة الصحة العالمية تعتبر فيروس كورونا “مصدر قلق للصحة العامة”.

وقالت رنا سيداني المتحدثة باسم المنظمة “هناك الكثير من “الأمور الغامضة” تتعلق بفهمنا لمصدر الفيروس المسبب لهذا المرض ونمط انتقاله وعوامل الخطر السلوكية التي قد تفضي إلى وقوع الإصابة.”

في الأسواق المزدحمة بمدينة جدة، لا يزال البعض لم يسمعوا بفيروس كورونا

وحذرت سيداني، أن الفيروس أثناء موسم الحج “سيظهر مرة أخرى إذا لم يلتزم الحجاج بالسلوكيات الوقائية التي من شأنها أن تحميهم، كاتباع الطريقة المناسبة للسعال، والاهتمام بالنظافة الشخصية، وتجنب الاقتراب من الجمال أو الاتصال عن قرب بالحالات التي جرى تشخيصها بالإصابة بفيروس كورونا.”

وتنصح المنظمة الحجاج باللجوء إلى مراكز تقديم الرعاية الصحية قبل السفر للحج، وذلك للتعرف على خطر الفيروس والنظر فيما إذا كان ينصح بالذهاب إلى الحج هذا العام من عدمه.

وفي الأسواق المزدحمة بمدينة جدة، لا يزال البعض لم يسمعوا بهذا الفيروس، بينما قال البعض الآخر من المتسوقين من صغار السن إنهم تعرفوا على المرض من خلال الحملات التي أطلقتها الحكومة السعودية على مواقع التواصل الاجتماعي وموقع يوتيوب لعرض مقاطع الفيديو.

وقال أحدهم وكان يشتري حذاء مصنوعا من جلد الجمل “أشعر بالقلق، خاصة عندما أكون في منطقة مزدحمة، ولا أعلم السبب وراء عدم اكتراث الناس بالخطوات الوقائية ضد المرض.”

فيما قالت ميسم، التي تتلقى حماتها حاليا العلاج من حالة عصبية في إحدى المستشفيات “أشعر بقلق كبير، فقد ترامى إلى مسامعي أن هناك مصابين بفيروس كورونا يعالجون في تلك المستشفى أيضا.”

وتابعت قائلة “أشعر بالخوف من أن تصاب هي أو أحد منا بالفيروس أثناء زيارتنا لها، بالرغم من أن الممرضات هناك يعطيننا الكمامات والقفازات كإجراءات وقائية. فالحامي الحقيقي هو الله.”