fbpx
هل قوى الحراك الثوري الجنوبي في أزمة ؟!

يطلق البعض على حال قوى الحراك الثوري الجنوبي صفة الـ ” أزمة ” ؛ فهل هو توصيف صحيح ؟! أم توصيف خاطئ نتيجة لعدم الوعي بالوضع الراهن المحيط بقوى الحراك ؟! أم أنه يعبر عن موقف معادي للثورة الشعبية الجنوبية ؟! .. وهل المقصود بــ ” قوى الثورة ” هي تيارات ومكونات سياسية وشخصيات سياسية في الداخل والخارج ، أم هي كافة القوى الشعبية التي أقامت الثورة في الواقع الفعلي وقدمت التضحيات الجسيمة لها ؟! .. وهل يوجد صراع في إطار القيادات نتيجة تعارض في المصالح والأهداف فيما بينها بحيث يمكن اعتباره جوهراً لــ ” الأزمة ” ؟! .

مفهوم الأزمة : هي حدوث مشكلة أدت إلى اختلال التوازن في حياة الفرد أو الجماعة فنتج عنها ظهور اضطرابات أو صراعات ؛ وقد تكون عواقبها تهديداً خطيراً لكيان الفرد أو الجماعة أو الدول ، وكذلك تهديداً للقيم العليا وأهداف المجتمع ، ويصعب حلها إلا بإعادة التوازن للوضع الذي كان قائماً قبل حدوث المشكلة ، أو بالتكيف مع المشكلة نفسها . والأزمة هي مرحلة طارئة في العلاقات البينية ، سواءً في حياة الفرد (بين أعضائه الحيوية نفسها) أو بين الأفراد والجماعات والدول . وعلى الرغم من التداعيات السيئة لمستقبل ما بعد أي أزمة ، فإنه بالإمكان استثمار الأزمة – غير البيولوجية بالطبع – إيجابياً للانتقال إلى مرحلة أفضل من المرحلة التي أدت إلى ظهورها ، وبالتالي إحداث تغيير شامل في الحياة البشرية .

وكما هو معروف بأن الأزمات هي أحداث غير متوقعة وسريعة الظهور ، كنتيجة لغياب الوعي بأسباب المشكلات أو عدم القدرة على اتخاذ القرارات المناسبة لمعالجتها – وربما التلكؤ المتعمد في حل المشكلات – فيُحمّل كل طرف المسؤولية الطرف الآخر بالتسبب في حدوث المشكلة / المشكلات لاقتناص فرصة ما بعد ظهور الأزمة التي قد تُهيئ لاتخاذ قرارات مصيرية – بالاستفادة من الغموض في الأسباب وتصاعد الأحداث وتعدد المضاعفات ، ومن الأوضاع غير المستقرة والكوارث الناتجة عن تعدد المشكلات – وبالتالي قد تأتي تلك القرارات بنتائج إيجابية أو سلبية في حياة المجتمعات أو الدول .

وعلى صعيد الثورات التحريرية ، التي تمثل الثورة السلمية الجنوبية واحدة منها على الرغم من أنها الثورة الوحيدة ضد الاحتلال التي قامت في القرن الحادي والعشرين ؛ فالثورات المستمرة حالياً إما أن تكون ممتدة – ضد الاحتلال – من القرن الماضي أو ثورات تغييرية ضد الأنظمة القائمة ، لكننا لم نعلم قط أن هناك ثورة تحريرية مرت أو تمر بأزمة في ذاتها كثورة . صحيح أن أمد الثورة التحريرية قد يطول أو يقصر نتيجة عوامل ذاتية وموضوعية داخلية وخارجية ، أو ربما تتأثر وتيرتها لفترة محدودة في ظل ظروف أقوى من قدرات الثوار على الاستمرار ، لكن أزمة الثورة – إن وجدت – لن يكون سببها إلا في تغيير أهدافها وقيمها . وفي هذه الحالة ، هل يمكن لأي ثورة تحريرية أن تغير أهدافها طالما ظل الاحتلال قائماً ؟!.

أما على صعيد الثورة التحريرية الشعبية الجنوبية ومشكلة التنظيم ووحدة القيادة فإن الأمر يختلف قليلاً عن نمط الثورات التحريرية السابقة باختلاف سمات العصر واختلال التوازن والمصالح على المستوى العالمي والإقليمي ، وكذلك على المستوى المحلي أيضاً ، إذ إن الثورات السابقة لم تكن فقط  تعتمد قبل قيامها على الجانب التنظيمي والوعي بالواقع والوضوح في الفكر وكذلك على تأمين الدعم المادي والسياسي والتعاون والتضامن مع بقية الثورات التحررية العالمية ، بل إنه كان من السهل تمييز المحتل – لبلد ما – من حيث لون العين والبشرة ومكان تواجده . وعلى الجانب الآخر ، هل يمكن لمن كان يوماً شريكاً للمحتل أن يكون اليوم شريكاً في تنظيم الثورة الشعبية ضده ؟! .. وهل من رأى مصلحته مع المحتل يستطيع أن يرى أي مصلحة للشعب بدون المحتل ؟! . فالإجابة هنا قد تفسر لماذا بعض من الشخصيات القيادية فقط هي من تعاني ” الأزمة ” وليست قوى الثورة الحقيقية .