fbpx
السيسي يوافق على استضافة مؤتمر للحراك الجنوبي في القاهرة
شارك الخبر

يافع نيوز – متابعات

يتوجه قياديون يمنيون معارضون إلى القاهرة الأسبوع المقبل لحضور مؤتمر يجمع المطالبين بإعادة فصل جنوب اليمن عن شماله، بعد أن وافق الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، على استضافة بلاده المؤتمر في الفترة من 15 إلى 20 سبتمبر/ أيلول الجاري.

وكانت الرئاسة المصرية ترفض في السابق عقد أية لقاءات أو مؤتمرات معارضة للرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي. ولا يُعرف إن كان وراء هذا التغيّر المفاجئ توجّهات إقليمية جديدة، تجاه نظام هادي، أم جهل من السيسي بتعقيدات المرحلة الخطيرة الراهنة، التي يمر فيها اليمن.

وذكرت مصادر خاصة، لـ”العربي الجديد”، أن “رئيس الوزراء اليمني الأسبق، حيدر العطاس، الموالي للسعودية، سيشارك في المؤتمر، في حين سيتغيّب الزعيم اليمني الجنوبي، علي البيض”، الذي انتقل من العاصمة اللبنانية بيروت، للإقامة في العاصمة النمساوية فيينا، قاطعاً بذلك علاقته حديثة العهد بإيران، بعد ورود اسمه في تحذيرات دولية من فرض عقوبات على معرقلي التسوية السياسية في اليمن.

ولم يعرف ما إذا كان الرئيس اليمني الجنوبي الأسبق، علي ناصر، سيحضر مؤتمر القاهرة أم لا، إذ إنه، بعكس البيض والعطاس، متمسك بالدولة اليمنية الواحدة، التي أُنجز دستورها أثناء رئاسته لليمن الجنوبي، في النصف الأول من عقد الثمانينيات.
وترك ناصر الرئاسة في يناير/كانون الثاني 1986 الدامي في عدن، بعد صراع مع جناح منافس له من كبار قادة الدولة، لم ينج منهم من التصفية في أول أيام الصراع سوى البيض والعطاس. وأسفر الصراع الداخلي حينها عن نزوح ناصر إلى صنعاء مع 10 ألوية عسكرية جنوبية مقاتلة، كان أبرز قادتها الجنرال، عبدربه منصور هادي، الرئيس الحالي لليمن، فيما تقاسم البيض والعطاس السلطة في عدن حتى 1990 حينما وقع البيض اتفاق الوحدة مع الرئيس الشمالي، علي عبدالله صالح.
وبموجب اتفاق الوحدة أصبح صالح رئيساً لليمن الموحد، والبيض نائباً للرئيس، والعطاس رئيساً للوزراء، فيما تم إجبار ناصر على الخروج من البلاد بإصرار شخصي من البيض، فلجأ إلى الإقامة في دمشق، تاركاً أنصاره العسكريين بقيادة هادي تحت رعاية الرئيس صالح، وعناية ساعده الأيمن في الجيش في ذلك الوقت، اللواء علي محسن الأحمر.

ولم يستمرّ التوافق طويلاً في صنعاء، إذ سرعان ما نشبت خلافات بين البيض وصالح، ثم تصاعدت إلى حرب في صيف 1994، لم يحسمها سوى استعانة صالح بقوات هادي الجنوبية الموالية لعلي ناصر محمد، التي اقتحمت قاعدة “العند” الحصينة قبل أن تتقدم إلى عدن، فاتحة الطريق أمام انفراد صالح بالسلطة وخروج البيض والعطاس وآلاف الجنوبيين إلى الدول المجاورة.
بعد أعوام من وجودهم في المنفى، عادت خطوط التواصل بين القادة الجنوبيين وعقدوا لقاءات عدة في بيروت وغيرها، لكن مسارعة صالح بإرضاء السعودية والتوقيع على ترسيم الحدود معها، أسكت تماماً الأصوات المطالبة بإعادة تشطير اليمن.

وفي وقت لاحق، أدى الحراك الجنوبي السلمي، المستمر منذ عام 2007، إلى إحياء دعوات الاستقلال من جديد، لكن تمسك ناصر بحلم تقرير مصير اليمن الطبيعي ظل العقبة الرئيسية أمام انسجامه مع خصوم الماضي، ورفاق اليوم، الذين لم يعودوا يرون في هذا الحلم فائدة تُرجى، بعد أن أفقدتهم التجربة أي أمل في امكانية التعايش مع أشقائهم الشماليين، بل إن بعضهم أعلن التنصل من الهوية اليمنية تماماً وإعادة إحياء هوية “جنوب عربي” لا يعتبرونه جزءاً من اليمن.
وكانت القاهرة، طوال العقود الماضية، بمثابة الحضن الدافئ لهؤلاء ولكل المعارضين اليمنيين من مختلف الأطياف السياسية، بمن فيهم الفصيل الأقوى المؤمن بإمكانية استعادة دولة الجنوب السابقة. لكن انتقال ناصر إلى القاهرة بعد انهيار الأوضاع الأمنية في دمشق، لعب دوراً في ترجيح كفة تيار تقرير المصير، وهو تيار يقبل ضمنياً بكل الخيارات، بما في ذلك خيار استمرار الوحدة، إذا ما قرر غالبية الجنوبيين ذلك، في حين أن دعاة الاستقلال التام، أو من يسميهم الشماليون بالانفصاليين، يرفضون فكرة الاستفتاء الشعبي على الوحدة في الجنوب، بذريعة أن الوحدة لم تعد خياراً قابلاً للنقاش.

ولكن إذا ما تأكد حضور ناصر المؤتمر الجنوبي في القاهرة، للمطالبة بإعادة تشطير اليمن، تحت سمع وبصر السيسي، فإن هذا الحضور سيكون مؤشراً قوياً على تقصير طاقم الرئاسة التابع لرفيق دربه وابن محافظته، الرئيس هادي، في التواصل وتبادل الأفكار والرؤى مع قادة الرأي وأصحاب التأثير من السياسيين الموجودين داخل اليمن أو خارجه.
ذريعة هادي غير المعلنة في هذا التقصير، وفقاً لما ينقله بعض المقربين منه، انشغاله في لملمة دولة مترامية الأطراف تتعرض لخطر الانهيار، فضلاً عن أن القادة السابقين، من وجهة نظر الرئيس الحالي، دمروا اليمن جنوباً وشمالاً، عندما كانوا في السلطة، وبالتالي ليس من صالحه، أن يستمع إلى نصائحهم المدمرة.
ومع أن معظم الذين تعاملوا مع مؤسسة الرئاسة اليمنية يجمعون على أن هناك قصوراً في مهارات التواصل، يفتقر إليها طاقم الرئيس اليمني، فإن الأخطر من هذا التفسير هو أن يكون تحرك ناصر والعطاس، في القاهرة، قد جاء بناء على تنسيق إقليمي أو ضوء أخضر دولي لإجهاض التجربة اليمنية، التي يحتاج الرئيس هادي لإنجاحها إلى مزيد من المعونات الملموسة.

المصدر: العربي الجديد

أخبار ذات صله