fbpx
لماذا أعلنت اسرائيل الحرب على «فيسبوك» و«واتس آب» أثناء العدوان؟
شارك الخبر

يافع نيوز – القدس العربي

لعبت مواقع التواصل الاجتماعي دورا أساسيا وجديدا لتوثيق جرائم الحرب الصهيونية على قطاع غزة، ونقل صور المعاناة اليومية التي يعيشها أهالي القطاع الى العالم.
ما ان تأتي الكهرباء الى البيوت والتي يستفيد منها الأهالي بمعدل ساعتين يوميا فقط، حتى يسارع الغزيون الى إرسال صور المعاناة من دمار هنا وهناك أو تشرد للأسر أو جرحى على الأرصفة، شباب يحاولون رصد كل الأحداث حتى من خلال المحمول الذي يسجل فيديوهات تظهر حجم المأساة التي حلت بالحجر والبشر والشجر، حتى أصبح الفيسبوك مصدرا مهما للكثير من وسائل الإعلام التي تبحث عن الحقيقة، حيث لم يكتف بنقل صور الدمار والنزوح والوضع الإنساني المرير بل تعداه الى نقل مناشدات ونداءات استغاثة تطالب بأيقاف المجازر وتقديم المساعدات العاجلة.
صفحات الفيسبوك شكلت أيضا صلة بين الأسر التي فقدت أبنائها وبين الباحثين عن أخبار تدلهم على باقي أفراد الأسرة. أصبحت هذه الصفحات مساحة لتلقي التعازي في الأصدقاء والأقارب والأحبة الذين استشهدوا دون ذنب فقط لكونهم فلسطينيون. القصة لم تكتمل بعد ويوميات الحرب على غزة تحمل الكثير من التجارب المؤلمة والصادمة للعالم، ولهذا نشرت اسرائيل على مواقع التواصل الاجتماعي، تحذيرا من نشر أي صور على الفيسبوك أو الواتس اب، أو حتى مشاهدة أي صور أو أخبار عن الحرب فيها خشية آثارها النفسية.

استغاثة من نازح في مدرسة للأونروا

الشاب أحمد أبو روك من خان يونس دمر منزله في خزاعة هرب وأسرته الى مدرسة من مدارس»الأونروا» التابعة للأمم المتحدة، يناشد العالم وأصحاب الضمائر الحية من خلال الفيسبوك ان يلتفتوا لمعاناتهم قائلا: أغيثونا ساعدوا أسرنا، خرجنا من بيوتنا بسبب القصف والدمار الناس هربوا دون ملابس ولا دواء الأطفال يبكون من الجوع نحن ننام على الأرض في العراء. ويتساءل هل من مجيب؟ هل تستطيعون المساعدة؟ نحن نحتاج الى نقود لشراء الحليب للأطفال والملابس والماء، اشعروا بنا تخيلوا أنفسكم مكاننا.

صور صادمة للأجساد الممزقة

كان هدف نشر الصور الصادمة للجثث المقطعة والمتحللة هو فضح جرائم الاحتلال الذي يدعي أنه يدافع عن نفسه. الأطفال الضحية الأكبر والعنوان الأبرز في كل ما نشر على الفيسبوك من صور أو فيديوهات تدمي القلوب لأطفال فقدوا أسرهم بالكامل، أو لأطفال استهدفوا بشكل متعمد وهم يلعبون كرة القدم على الشاطئ أو لحامل في الشهر التاسع تنجو المولودة وتموت الأم مـتأثرة بجراحها، أو لطفلة جريحة في المستشفى تبكي وتبحث عن أهلها دون ان تعلم انهم قتلوا جميعا لتعيش هي وحيدة يتيمة. مسلسل الأحداث يستمر والمتتبع لصفحات الفيسبوك يذهل من هول الكارثة التي حلت بغزة جراء العدوان الوحشي على المدنيين العزل. مجموعة من الشباب يؤسسون صفحات تنشر صور الأطفال الشهداء بأسمائهم كنوع من التوثيق لجرائم الحرب الاسرائيلية وأخرون يقومون بجمع المال لشراء حليب الأطفال والملابس للعوائل النازحة. في الفيسبوك تتعدد صور التعاون والتضامن بمبادرات فردية وهي أضعف الايمان في وقت من الصعوبة بمكان ان تدخل المساعدات الإنسانية بسبب إغلاق المعابر.

دعوة لمقاطعة اسرائيل

الشابة اكرام حميدات طالبة جامعية تقول أنها بدأت وزميلات لها في نشر فضائح العدوان الاسرائيلي على غزة متأملة أن تصل الحقيقة الى العالم الصامت النائم تجاه مايحدث من انتهاكات بحق الإنسانية. اكرام تعرفت من خلال الفيسبوك على عدد كبير من الشباب من دول عربية وغربية مختلفة وقامت بالتواصل معهم وتعريفهم بقضية فلسطين وأكاذيب الاحتلال الاسرائيلي الذي يظهر نفسه أمام العالم أنه هو من يريد السلام وهو المظلوم والشعب الفلسطيني ارهابي ويريد قتله. اكرام أيضا تشارك في حملة عبر الفيسبوك لمقاطعة البضائع الاسرائيلية التي نجحت الى حد كبير في ضرب الاقتصاد الاسرائيلي داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة وفي العديد من الدول الغربية، حيث رفضت بعض المتاجر الكبيرة والمعروفة في الغرب بيع البضائع الاسرائيلية وقامت بالتخلص من التي كانت موجودة من قبل.

فوق الأرض أعزاء او تحتها شهداء

أما بيان محمود والتي تضررت شقتها بفعل القصف المستمر والمتواصل من الجو والبر والبحر وهربت الى منطقة تل الهوى، فتروي من خلال صفحتها على الفيسبوك تفاصيل الحياة اليومية في غزة تحت النار. على رأس صفحتها كتبت:»أيها العالم لقد حسمنا أمرنا إما فوق الأرض أعزاء أو تحتها شهداء». الفيسبوك بالنسبة لبيان ولبقية الشباب الغزاوي هو النافذة الوحيدة التي تربطهم بالعالم الخارجي فهم محاصرون من كل الجهات لا يملكون الا الفيسبوك للتعبير عن آلامهم وأحلامهم إذا استطاعوا لذلك سبيلا.
بيان تروي قصة الهروب المتكرر من المنزل وإنقطاع التيار الكهربائي الذي يزيد من وحشة الحياة في غزة مع شدة القصف الليلي وتوقع الموت في كل لحظة وانقطاع المياه الصالحة للشرب وغير الصالحة أيضا، كتبت عن تضامن أهالي غزة فما ان عرفت من خلال الفيسبوك عن حاجة النازحين الى الملابس والطعام حتى قامت كما فعلت سيدات كثيرات بزيارة مشفى الشفاء وتوزيع المساعدات. وتشير أن الحاجة ملحة والمساعدات التي تقدم بشكل فردي أو من خلال مؤسسات لا تفي بحاجة ولا بحجم المأساة فالمصاب جلل.

الإحباط من المواقف العربية

وما أكثر المحبطين والغاضبين من أهل غزة من المواقف العربية التي يعتبرونها خجولة، منهم من كتب «تركونا وحدنا حسبي الله ونعم الوكيل» ومنهم من نظم شعرا يتحسر على العروبة وأمجادها السابقة، منهم من أشاد بدول وشعوب أمريكا اللاتينية التي أتخذت اجراءات حاسمة وتعاملت مع اسرائيل كدولة ارهابية وما يترتب على ذلك من سحب الجنسية وقطع العلاقات الدبلوماسية مع اسرائيل، ومنهم من أعتبر الحرب مؤامرة عربية اسرائيلية للقضاء على الفلسطينيين.

الدعم المعنوي وحجم التضامن

الفيسبوك كان له أكبر الأثر في لملمة الجروح خاصة مع اشتداد عود المقاومة المسلحة والأساليب المدروسة التي أذهلت المحتل والعالم، يشعر أهالي غزة بالنشوة والانتصار رغم الجراح. فعلى الرغم من كل المآسي اليومية والحرمان من أبسط الحقوق الآدمية والحرب النفسية والمعنوية التي تمارسها اسرائيل ضد أهالي غزة نجدهم عبر الفيسبوك ينشرون الأغاني الوطنية الحماسية التي تعبر عن التضامن مع المقاومة ونصرتها وترفع من معنويات وصمود الناس هناك، وتمتلىء الصفحات الفيسبوكية هذه الايام بأشعار محمود درويش وأغاني مرسيل خليفة والشيخ امام وجوليا بطرس وغيرها من الأغاني الوطنية التي كان لها أكبر الأثر في المسيرة النضالية لتحرر الشعوب ونيل المطالب المشروعة.
لدرجة تشعر فيها أنك تعيش أوقاتا ثورية بأمتياز وأن الصمت والخنوع ليسا من شيم أهل العزة والكرامة. إذا هي تعبئة عبر الفيسبوك هدفها صحوة الضمير والتحرك من أجل انهاء الظلم والعدوان والاحتلال وفضح جرائم الحرب والإبادة الجماعية والتجويع، نعم الفيسبوك بالنسبة لأهالي غزة هو الوسيلة الأسرع للوصول الى العالم حتى يعرف حقيقة مايجري خاصة في دول يساوي إعلامها بين الضحية والجلاد.
نجح الغزيون في ايصال رسالتهم الى العالم من خلال عالم افتراضي نقل قضيتهم بكل تفاصيلها ونجح في زيادة حجم التضامن والتأييد الشعبي الذي رغم ازدياده لم يعد يحرك ساكنا، فأسرائيل كما يقولون تضرب بعرض الحائط كل القرارات الرسمية والشعبية المطالبة بوقف اطلاق النار وتعتبر نفسها فوق القانون.
تقول غادة القاضي وهي تسكن بالقرب من الجامعة الإسلامية التي دمرها الجيش الاسرائيلي: ما ان تصلنا الكهرباء حتى اسارع لجهاز الكمبيوتر، الفيسبوك بالنسبة لي هو الطريقة الأسرع لطمأنة أسرتي علي وعلى أولادي. انقل من خلاله كل ما أشعر به من إحساس بالغضب من العالم الذي يشاهد قتلنا وذبحنا ولا يحرك ساكنا، أنقل معاناة الناس اليومية التي تزيد قسوتها مع إنقطاع التيار الكهربائي وإنعدام المياه.

أخبار ذات صله