fbpx
انضمام “شباب المجاهدين” إلى القاعدة.. الأسباب والتداعيات
شارك الخبر

يافع نيوز / اسلام اون لين

اعتبر محللون سياسيون صوماليون في تصريحات لـ”إسلام أون لاين” الأحد 12/2/2012 أن انضمام حركة “شباب المجاهدين” الصومالية إلى تنظيم القاعدة  هو بمثابة “طوق نجاة” للشباب الصومالية التي تعاني من تدهور اقتصادي وعسكري في الآونة الأخيرة، بعد الحملات العسكرية المكثفة من قبل الحكومة الانتقالية وقوات الاتحاد الأفريقي ضدها منذ نحو 6 أشهر، محذرين في الوقت نفسه من أن تحول “الشباب” من ساحة ما تطلق عليه “الجهاد المحلي” إلى العالمي يعد مؤشرا خطيرا للصراع الإيديولوجي والعسكري في القرن الأفريقي .

  وكان أيمن الظواهري زعيم تنظيم القاعدة قد أعلن في تسجيل مصور بث في منتديات إسلامية على الانترنت يوم الخميس الماضي إن “حركة شباب المجاهدين” الصومالية انضمت لشبكة القاعدة العالمية.

وتضمن التسجيل المصور تسجيلا صوتيا لأبو الزبير زعيم حركة شباب المجاهدين يعلن فيه الولاء للظواهري الذي تولى قيادة القاعدة العام الماضي عقب مقتل أسامة بن لادن في هجوم أمريكي في باكستان.

وكانت العلاقات بين القاعدة والشباب في السابق ذات صبغة عقائدية إلى حد بعيد. ويقول خبراء في مكافحة الارهاب إن حركة الشباب كانت تتلقى المشورة والتدريب من بعض أعضاء الشبكة الدولية إلا أنها كانت تميل لاعتبار نفسها حليفا للقاعدة لا فرعا للتنظيم الأساسي.

يأتي هذا فيما تباينت ردود الأفعال المحلية والدولية، ففيما عبرت الحكومة الصومالية عن أسفها العميق، مشيرة إلى أنه كان أمراً متوقعاً من قبل “حركة الشباب”، عبرت هيئة علماء الصومال على لسان رئيسها الشيخ بشير صلاد أحمد عن حزنها، مشيرة إلى أن انضمام “الشباب” إلى القاعدة، يجعل الصومال خاضعا لتصرفات تنظيم القاعدة، وأن هذا الأمر فيه انتهاك للسيادة الصومالية.

أما على الصعيد الإقليمي، فقد أكد الاتحاد الإفريقي أن مهامه في الصومال ستستمر، متوعداً بتوسيع عملياته العسكرية خارج مقديشو، لتثبيت الأمن ولإحباط الهجمات الانتحارية والعسكرية القادمة من “الشباب الصومالية”.

طوق نجاة

وفي تعليقه على الموضوع، أوضح أنور أحمد ميو، الخبير في شؤون الإسلاميين، في تصريح لـ”إسلام أون لاين“أن “حركة الشباب كانت في الوهلة الأولى موالية للقاعدة من حيث النهج الفكري والعسكري، وبالتالي كنت أتوقع صدور هذا الإعلان، ولاسيما بعد تلقي الحركة ضربات متتالية من جهات عدة، وذلك من أجل أن تستعيد أنفاسها الأخيرة مرة أخرى”.

ولقراءة الأسباب والدوافع التى حملت حركة الشباب على الارتماء في حضن القاعدة يقول ميو إن: “أكبر مبرر لـ”الشباب الصومالية” هو تواجد القوات الإفريقية في مقديشو، وهو بالفعل ما يزيد من تعنت الحركة في مواقفها المتشددة”، كما أن: “الحركة تبحث عن ممول خارجي يضمن لها صيرورة حياتها، وذلك جراء انكماش اقتصادي نتج عن انسداد منابع الدخل لها من قبل المجتمع الدولي”، مضيفاً أن:” العامل الثالث الذي دفع الحركة إلى تبني هذا الأسلوب الجديد هو رغبتها في جمع أكبر عدد ممكن من المهاجرين الأجانب لتقويض الجهود المحلية والدولية الساعية إلى إقصائها” .

فرقعة إعلامية

ومن جهته اعتبر محمد عمر، الكاتب الصومالي في شؤون الحركات الإسلامية، في تصريح خاص لـ”إسلام أون لاين”  إن اعلان شبكة القاعدة في انضمام “الشباب الصومالية ” لن يزيد في الأمر شيئاً، واصفاً بأنه مجرد فرقعة إعلامية للفت انتباه المجتمع الدولي الذي يركز على محو ظاهرة “الإرهاب” والقرصنة من القرن الإفريقي، مشيراً إلى أن القاعدة زال بريقها، مما أدى إلى تلاشي قوتها نتيجة عقم وسائلها وأساليبها العسكرية وذلك بعد بروز ثورات الربيع العربي في العالم والتي أحدثت تغييرات في الوطن العربي .

وأضاف أن:”القاعدة لا تستطيع حالياً أن تمتد يدها إلى الصومال على غرار اليمن وأفغانستان وباكستان، لأنها عاجزة عن فعل شيء في الوضع الراهن، لأن العقبات العسكرية التي تواجهها في تلك البلدان الإسلامية هي التي تحول دون ذلك”.

وحول توقعاته بشأن ما إذا كانت قيادة القاعدة تريد أن تتخذ من الصومال مأوى جديداً لها، قال، الخبير السياسيأنور ميو:  لا أعتقد ذلك، لأن الصومال لا يحتمل ذلك نظراً لتركيبة سكانه وأراضيه السهلية التي ليس فيها جبال وغابات كبيرة، لكن القاعدة تريد أن تجعل الصومال جبهة مهمة مشتعلة في حربها مع الغرب وحلفائه، مثل جبهات اليمن والعراق والجزائر.

الشباب وتحدي “الطاعة”

ويطرح المحللون وجود تحديات جمة أمام حركة الشباب، والتي تفرض على الحركة الانصياع لأوامر وتوجيهات تنظيم القاعدة “الأم”. ويؤكد محمد عمر أن التحدي الوحيد يتمثل في مسألة تقديم الطاعة التامة من قبل أمير الشباب الصومالية أحمد عبدي جودني “أبو زبير”، وإلى أي مدى هو وأعوانه مستعدون لنقل جميع صلاحياتهم في حالة تعيين قائد ميداني جديد من قبل القيادة العليا كما تقتضيه الأعراف العسكرية والسياسية للقاعدة .

ويشير إلى أن حركة القاعدة بموجب “البيعة” ستتولى الإشراف الكامل على العمليات العسكرية على أرض الواقع وتحديداً القرن الإفريقي، وهذا بدوره يكلف القاعدة دفع تبعات مالية وإدارية، ربما سيكون له تأثير في ميزان القوى وإنعاش الحركة ومدّها بوسائل تتيح لها فرص البقاء والعودة إلى الساحة من جديد، بعد الحملات العسكرية المتوالية من قبل الحكومة الانتقالية والقوات الأفريقية .

ورداً على سؤال “إسلام أون لاين“، حول وجود تجاذبات فكرية داخل الحركة، بعد وقبل الانضمام إلى القاعدة، يؤكد أنور ميو، أنه في مثل هذه الظروف الحرجة لا نتوقع وجود تجاذبات ملموسة داخل “الشباب” حول الانضمام إلى القاعدة، لكنني أتوقع حدوث انشقاقات عريضة في صفوف الحركة، وخاصة انشقاق مجموعات تسيطر على إقليمي باي وبكول، مما يفتح جبهة عسكرية داخلية للشباب الصومالية، مما يحمل الحركة على خوض غمار حرب شاملة في الصومال عاجلاً أم آجلاً .

ويرفض المراقبون المتابعون لمجريات الأمور داخل “الشباب المجاهدين” وجود تجاذبات فكرية، ناهيك عن وجود أجنحة تؤيد أو أخرى تعارض فكرة الانضمام، طالما بقي القاسم المشترك بين رجالات القيادة العليا للشباب هو الهاجس الأمني، سواء من يوصف بأنهم في خانة المتشددين أو في خانة المعتدلين، لأنهم يأملون في البقاء طويلاً على حلبة الأحداث في الصومال.

انسداد أفق الحوار

وكانت الجهود الإقليمية والعربية تأمل فتح حوار مع حركة الشباب، إلا أن انضمام الشباب المجاهدين إلى القاعدة يبدد أمل دخول مفاوضات مع حركة الشباب لإنهاء المأزق السياسي في البلاد .

ويؤكد محمد عمر أن التحالف الجديد بين القاعدة والشباب جعل أفق الحوار في الصومال أبعد من ذي قبل، ولم نعرف يوماً عن القاعدة أنها تتحاور مع المناوئين لها في أي من البلدان في العالم، وخاصة تلك التي جرت فيها معاركها، وهي لم تعرف سوى استخدام لغة الرصاص ومنطق القوة .

وتابع أن: “مسألة الحوار مع حركة الشباب، لم تكن يوما واقعية منذ تدفق مئات من الأجانب إلى الأراضي الصومالية، وهؤلاء بسبب دموية تصرفاتهم المقصودة لم يتركوا مجالا لأي حوار يمكن فتحه مع القادة الصوماليين والمجتمع الدولي”. هذا ويستبعد ميو، أن يبادر تنظيم القاعدة إلى فتح صفحة حوار مع النظام السياسي الصومالي، لأن حركة الشباب لم تعرف يوماً الحوار سبيلاً لإنهاء المسألة الصومالية.

التداعيات

وعن التداعيات المحتملة لانضمام “الشباب” للقاعدة، قال ميو: إن حركة الشباب ستلجأ إلى استخدام نفس الأسلوب العسكري والسياسي للقاعدة، مما سيترك عواقب وخيمة على الشأن الداخلي ويزيد الجرح الصومالي، و إذا نجحت ستنقل عملياتها العسكرية إلى كل من إثيوبيا وكينيا وأوغندا وجيبوتي التي لها وجود عسكري في الصومال.

ويضيف ميو: “تحاول كل تلك الدول كبح جماح الحركة حتى لا تنتقل حمى التفجيرات  إلى عواصمها، مما يتطلب لها تكثيف عملياتها العسكرية إلى أجل غير مسمى، وكل تلك العوامل مؤشر خطير للصراع الصومالي – الصومالي”.

بدوره ، يرى محمد عمر أن هذا التحول الجديد في شأن حركة الشباب، لا شك في أنه سيوقظ شهية الغرب على الغزو أو الهيمنة على الصومال، كما أن الإعلان يعطي دفعة قوية للقوى الغربية لصياغة مبررات جديدة للتدخل في القضية الصومالية، سواء انعكس ذلك سلباً أو إيجاباً على المأزق الصومالي.

* كتب شافعي محمد

أخبار ذات صله