fbpx
هجوم بري على غزة: رهان الدم وتتويج الفشل … رأي : القدس العربي
شارك الخبر
هجوم بري على غزة: رهان الدم وتتويج الفشل …  رأي :  القدس العربي

جاءت العمليات البرية الاسرائيلية ضد قطاع غزة التي بدأت مساء الخميس لتفتح الصراع على افاق صعبة، وسيناريوهات مرتبكة، تعكس المعطيات غير التقليدية التي صاحبت اتخاذ «الكابينيت» الاسرائيلي للقرار. فللمرة الاولى في تاريخ الصراع العربي الاسرائيلي، تكون الدولة العبرية هي الطرف الذي يطلب وقف اطلاق النار. 
بل ان القرار بتطوير الهجوم برا جاء تحت القصف الصاروخي، وهو ما استدعى عقد الاجتماع الوزاري الاسرائيلي في غرفة محصنة. وهو في جوهره يعبر عن اليأس في وقف الخسائر الاستراتيجية والنفسية التي تتكبدها اسرائيلبفشلها في منع اطلاق الصواريخ، الى جانب الفضيحة الاخلاقية بعد ان ضبطت بقتل الاطفال الفلسطينيين على مرأى من العالم بأسره. وهكذا لم يكن هناك امام نتنياهو مفر من تغيير قواعد اللعبة وتوسيع ساحة المعركة، حتى اذا كان هناك ثمن ضروري من القتلى الاسرائيليين.
ويبقى الهجوم البري دليلا ناصعا على فشل اسرائيل في كسر ارادة الشعب الفلسطيني في غزة، الا انه ينذر ايضا بتفاقم شديد للمأساة الانسانية هناك. فقد اعلنت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الاونروا) ان عدد النازحين في قطاع غزة تضاعف تقريبا في الساعات الـ 24 الاخيرة بعد بدء اسرائيل عملية برية ضد قطاع غزة.
وقال كريس غونيس وهو متحدث باسم الوكالة في بيان ان «عدد الاشخاص الذين قدموا الى الاونروا بحثا عن ملاذ من القتال في غزة تضاعف تقريبا اليوم. لقد ارتفع من 22 الفا الى اكثر من 40 الف شخص.
اما على الصعيد العسكري، وبعد نحو اربع وعشرين ساعة من بدء العمليات البرية، فمن الواضح ان لعنة «الفشل الاستخباراتي» التي كانت العنوان الرئيسي للحملة الجوية، مازالت تلاحق الدبابات الاسرائيلية على الارض، اذ تمكنت صواريخ المقاومة من استهداف تل ابيب لثلاث مرات الجمعة.
وهكذا فان اسرائيل تخاطر في الحقيقة بتعظيم فشلها العسكري بدلا من احتوائه، خاصة اذا فشلت في اسكات الصواريخ او القضاء التام على الانفاق او اعتقال قيادات في المقاومة، حتى اذا كانت حريصة على عدم رفع سقف التوقعات من العملية البرية.
اما الهدف الحقيقي من العمليات البرية، فهو تصعيد الحرب النفسية، والسعي الى محاصرة مشاعر الانهزام والفشل الذي أقر به نائب وزير الدفاع الاسرائيلي فكانت سببا في عزله، والضغط على المقاومة لقبول مبادرة التهدئة. الا ان ذلك لم يعد هدفا سهلا، خاصة بعد ابلاغ حماس مصر رسميا برفضها، وهو موقف لقي دعما علنيا من رئيس الوزراء التركي طيب اردوغان، الذي انتهز الفرصة ليوجه انتقادات قاسية الى النظام الجديد في مصر، فيما ردتالقاهرة بان «رفض حماس للمبادرة جاء ضمن سعي محور اقليمي يضم حماس وقطر وتركيا لافشال الدور المصري» وهو ما قوبل بالنفي منهم. بينما نجحت اسرائيل في استثمار الرفض لتوفير غطاء من تأييد دولي للهجوم.
ويبدو ان الهجوم البري أدى لتضييق الافق السياسي للحل، وتحول الصراع الى لعبة «عض اصابع»، او «رهان على نتيجة ايام صعبة متوقعة من الدم والمعاناة».
وسيكون صعبا على المقاومة ان تعود لتقبل ما كانت رفضته خاصة في ظل التوقعات بزيادة مضطردة في اعداد الضحايا والنازحين جراء الهجوم البري، كما سيكون صعبا على اسرائيل ان تتحمل خسائر بشرية كبيرة، وهو ما تتوعدها به المقاومة.
واخيرا فقد حققت المقاومة دون شك انجازا تاريخيا في ردها على العدوان الاسرائيلي، حتى ان خبر قصف تل ابيب اضحى اعتياديا، وهو ما كان وراء الخيال لعقود، الا انه من المهم الحفاظ على هذا الانجاز، وعدم التضحية به عبر ربط التسوية السياسية المرتقبة بقطار الصراعات الاقليمية، وهو ما يستلزم اعلاء المصلحة الوطنية، واستعادة وحدة القرار الفلسطيني واستقلاليته بعيدا عن المزايدات او المكايدات.

أخبار ذات صله