fbpx
كيف نمضي بأمان نحو مؤتمر وطني جنوبي !

بقلم: د. عبيد البري

عندما طُرحت فكرة المؤتمر الجنوبي في اللقاء الذي جمع نشطاء في الثورة الجنوبية في فندق المركيور بعدن ، من بينهم رئيس وأعضاء في الهيئة التأسيسية لتيار مثقفون من اجل جنوب جديد ، بناءاً على إشارة من جهة إقليمية تفيد باستعدادها للتعاون في تنظيم وتمويل مؤتمر وطني جنوبي عام يوحد كلمة كافة مكونات الشعب الجنوبي بعد أن رفض الشعب المشاركة في حوار صنعاء . لم تكن الفكرة تهدف إلى إيجاد حل لظاهرة التعدد في مكونات الحراك كونها مشكلة ذاتية تتعلق بمواقف ومصالح عدد قليل من القيادات السابقة والجديدة ، بينما الهدف من المؤتمر يتعلق بالقضية الوطنية الجنوبية .

وفي اللقاء نفسه تكلف ناقل الفكرة بالإضافة إلى رئيس التيار بتحويل الفكرة إلى مشروع وطني مدروس ، بحيث يبدأ تطبيقه بتشكيل لجنة تحضيرية لمؤتمر وطني وإعداد مندوبين إلى المؤتمر من كافة مديريات المحافظات الست بتمثيل وطني ، وبعدد يتناسب مع حجم الحدث وأهمية القضية . ولكن عندما شرع رئيس التيار بالتواصل مع قيادات الخارج والداخل ، تاهت الفكرة في دهاليز قيادات الخارج بتحويلها إلى مؤتمر”جامع” ليجمع المكونات في قيادة جنوبية موحدة ورؤية سياسية واحدة ، فأصبحنا نخوض في أزمة القيادة القديمة – الجديدة لتبتعد الفكرة أكثر فأكثر عن المشروع الوطني الذي كنا ولا نزال نأمل تحقيقه بمساعدة إقليمية لم نعلم عن موقفها حالياً .

وفي الواقع أن بعضاً من القيادات قد استغلوا ظاهرة تعدد مكونات الحراك والمكونات المضافة إليها – بمشاريع تهدف إلى ما هو أدنى من التحرير والاستقلال – فأوهموا القائمين على مشروع المؤتمر أن القاعدة المشتركة هي “التحرير والاستقلال” وأنهم مجمعون عليها من حيث المبدأ ، لكن معظمهم يضمرون عكس ذلك ، ليصوروا للعالم – فيما بعد – بأن أي أسباب متوقعة لعدم التوافق بين المكونات ما هي إلا نتيجة لاختلاف على هدف التحرير والاستقلال ، وأن الاختلاف صفة ملازمة للجنوبيين .

لقد اقترحنا على رئاسة اللجنة التحضيرية أسهل الطرق وأكثرها موضوعية ، وهي البدء بحوارات واسعة ومكثفة بين مكونات الحراك الجنوبي للوصول إلى توافق على تشكيل ائتلاف وطني يضم غالبية المكونات القائمة – إن لم تكن كلها – وفقاً لأسس ومبادئ تم وضعها بشكل ميثاق شرف يخضع للنقاش والتوافق على كل نقطة فيه ، والتوافق على قيادة موحدة للائتلاف تكون ناظمة للفعل الثوري في الميدان ، بحيث يحتفظ كل مكون بهيكله التنظيمي إن أراد ؛ وعلى أن يساعد هذا الائتلاف اللجنة التحضيرية في الإعداد لمؤتمر وطني جنوبي تمثل فيه كافة قوى الثورة وكافة الفئات والشرائح والمكونات المجتمعية ، بالإضافة إلى تمثيل وطني لعموم مديريات المحافظات الست فيخرج المؤتمر بتشكيل كيان سياسي جنوبي يعمل بشكل مؤسسي ووفق رؤية سياسية وطنية وبرنامج سياسي يقرهما المؤتمر .

ولو أن رئاسة اللجنة التحضيرية استوعبت هذا التصور المشار إليه آنفاً كآلية بسيطة وممكنة ، ما كان ليظهر هذا التعثر في عملها باعتراض بعض القيادات في الداخل والخارج على المشاركة في المؤتمر بذرائع تتراوح بين التحفظ على بنية اللجنة التحضيرية أو الهدف أو الرؤية أو المعايير أو حتى الاعتراض على الجهة الممولة . وما زاد الأمور تعقيداً تشكيل لجنة التوافق إلى جانب رئاسة اللجنة ليصبح الأمر أشبه بالمثل القائل (عمياء تخضب مجنونة) . ليس كذلك فحسب ، بل أن الشيخ بن شعيب شوَّه باللجنة التحضيرية على قناة “عدن لايف” – بعد أن حل محلها – بقوله أنها تحولت إلى لجنة مناكفات وأن لها أخطاء كثيرة ؛ وهذا الافتراء المشين على اللجنة لا يليق باسم الهيئة الشرعية على الأقل .

وأخيراً ، إن عقد مؤتمر وطني بهذا الهدف وهذه الأهمية وفي مثل هذه الظروف المحيطة وجسامة القضية الوطنية الجنوبية ، وفي ظل تخلف وطغيان المحتل ، فإن مسألة نجاح المؤتمر تتعدى موضوع التوافق إلى ما هو أهم وأخطر بكثير ، الأمر الذي يتطلب – في أحسن الأحوال – وجود جهة منظِّمة للمؤتمر تتكفل به بشكل واضح ! ، سواءً كانت دولة أو تحالفاً دولياً أو منظمة دولية ؛ ولكن هذا لا يعني عدم إمكانية تسخير عوامل داخلية متوفرة في حالة غياب العامل الخارجي .