fbpx
نريد مؤتمراً بتوافق الكل … لا مؤتمر بالكل المتوافق

إن الوعي بالوضع القائم في الجنوب ووضوح الهدف العام لعقد المؤتمر الجنوبي الجامع هما الشرطان الواجب توفرهما قبل أي خطوة على طريق المؤتمر . فالشرط الأول يتعلق بمدى إدراك اللجنة التحضيرية للمهمة ، أما الثاني فيتعلق بالقوى المستهدفة التي لا نستطيع أن نأتي بها إلى المؤتمر قبل أن يكون الهدف واضحا لديها بأدق تفاصيله ، الأمر الذي يتطلب من رئاسة اللجنة التحضيرية أن توليه جل اهتمامها حتى لا يبقى أي سؤال عن المؤتمر ، مثل : من نجمع ؟ .. كيف نجمع ؟ .. ماذا سنفعل ؟ .. ما الذي يضمن ؟ .. ما هو الأساس ؟ .. كيف سنكون ؟ .. ما هو المرجع ؟.. أو غير ذلك .

 

وتجنباً لإطالة هذا المقال ، سأتطرق إلى  خمس نقاط ، أرى أنه يتعين على رئاسة اللجنة التحضيرية أخذها في الاعتبار :

(أولا) إن الجماهير تعلق الأمل ، بعد الله ، بأن يتحقق عبر المؤتمر الجامع ما يجمع الكل فينهي ظاهرة التناقض والتسابق والتعدد والتباعد بقدر الإمكان . ولكن لأسف بدأت رئاسة اللجنة عملها بتكريس الظاهرة نفسها بتشكيل لجنة أخرى باسم لجنة التوافق لتقوم بعمل اللجنة التحضيرية فأوجدت بذلك مشكلة من جنس ما هو قائم في الواقع .

 

(ثانيا) إن نجاح المؤتمر مرهون بنجاح اللجنة التحضيرية . وهذا لن يتأتى إلا إذا كانت قيادتها أكثر فهماً  للمهمة وأكثر قدرة على تنظيم العمل وعلى الإمساك بجميع الخيوط ، فضلاً عن ضرورة وجود الانسجام والتفاهم مع الأعضاء حتى يكون العمل منسقاً وإيجابياً ومبدعاً ، خاصة مع وجود كفاءات جامعية في عضوية اللجنة .

 

(ثالثا) إن رئاسة اللجنة أمام مشروع وطني عظيم ، ويتعين عليها – بالضرورة – أن تمتلك ولو أدنى تصور مقبول عن كيفية إنجاز كل مهمة ، سواءً كانت منفصلة أو مرتبطة بإنجاز مهام أخرى . فهدف “التحرير والاستقلال” مثلاً ، ليس شعاراً يكتب على يافطة ، وكتابة الرؤية السياسية ليست كسيناريو مسرحية ، ومهمة جمع قوى الثورة ليست كعملية حسابية ، كما أن مهمة توحيد القيادة لا تتم بالترهيب ولا بالترغيب ، إلا إن لكل قفل مفتاح لا بد من التعرف عليه إذا ما أردنا الوصول إلى كل الأبواب .

 

(رابعا) إن وضوح الهدف والرؤية والتخطيط السليم لإنجاز مهام التحضير للمؤتمر وتحديد موعد انعقاده في الوقت المناسب والمكان المناسب لا بد أن يرافقه قدر كبير من الشفافية والوضوح ، وقدر أكبر من العمل على تهيئة الجماهير وإعدادها للتفاعل مع المؤتمر والمشاركة في إنجاحه باعتبار الشعب هو المعني بالأمر والداعم لأي عمل سياسي ناجح .

 

(خامسا) إن الإعداد لهذا المؤتمر يختلف عن الإعداد للمؤتمرات الحزبية ، ولذلك يجب أن يسبقه حوارات بين كل القوى للوصول إلى التوافق على معظم القضايا إن لم تكن كلها . وفي هذا السياق ، لا يجوز أن تصر رئاسة اللجنة على التعامل فقط مع “من حضر” من المتوافقين ، بحجة عدم تجاوب بقية المكونات عبر “لقاءات شخصية” … أليس ذلك تناقضاً مع مفهوم “الجامع” وتوجها واضحا نحو تشكيل مكون جديد مهما صدرت من تصريحات نفي ؟! … أليس الواجب على من لا يجد نفسه مؤهلاً للقيام بالمهمة أن يترك المجال لمن يستطيع إنجازها ؟! .

 

وأخيراً لا بد من الإشارة إلى أنه يجب على رئاسة اللجنة أن توضح بما يكفي لطمأنة المشاركين عن الجهة المنظمة للمؤتمر ، وعن مصدر التمويل لتغطية أعمال التحضير وكافة تكاليف المؤتمر .

 

د. عبيد البري