fbpx
الذكرى السنوية الثانية لرحيله ..محمود عراسي .. هكذا عرفته

 

الرئيس/ علي ناصر محمد
ثمة رجال يعلقون في الذاكرة، ولا نستطيع انتزاعهم منها مهما حاولنا.. ومن هؤلاء؛ المغفور له محمود عبدالله عراسي (رحمه الله) الذي فقدناه قبل عامين.. فقده الوطن كمناضل من طراز فريد.. وفقدته أسرته والناس كإنسان وقائد ودبلوماسي وإداري كفوء.. وفقدته كصديق عزيز ورفيق
درب طويل.
تعود جذوره إلى عدن.. تلك المدينة الجميلة، الغافية بين الجبل والبحر.. الجامعة بين التاريخ والحضارة.. الضاربة في القدم والرافلة بالعصرية.. والمتمسكة بالأصالة والمنفتحة على العالم بدياناته وثقافته وفنونه، وفيها تعرفت إليه وسرعان ما أصبحنا صديقين ورفيقين.
جزء من نبضها وعنفوانها ومشروعها وكفاحها من اجل الحرية والاستقلال، وبناء الدولة المدنية الحديثة، وكان هناك دائما حيث ينبغي ان يكون في الاوقات الصعبة والمنعطفات الحرجة، لا يعتذر عن مسؤولية، ولا يسعى إلى منصب!!
قليل الكلام.. هادئ.. باسم.. دمث الأخلاق، لكنه رجل أفعال ومواقف، بعيدا عن النظريات، لكنه نموذج للسياسي ورجل الدولة الذي يضع كل جهده وخبرته في خدمة المواطنين دونما استعلاء.. بعيدا عن الأضواء، رغم انه كان دائما في مواقع تتيح له ان يكون نجما من نجوم السياسة.. باختصار؛ هو نموذج للرجل الذي نحتاجه في كل وقت، وفي هذه الأوقات الصعبة بالذات.
يعتبر محمود عراسي من بين أهم المحافظين الذين تولوا منصب المحافظ في عدن، فكرس كل معرفته وخبرته خلال الفترة التي تولى فيها هذا المنصب لخدمة المدينة، وأهلها وسكانها، فكان مكتبه؛ وقلبه مفتوحان للجميع دون ان يكبل نفسه بأسوار او حراسات، أو يعزل نفسه عن قضايا الناس وهموم المواطنين.
حتى وهو يتقلد المناصب الرفيعة؛ لم يتخل عن منظوره الإنساني المشبع بالتواضع الجم، والحنون على الناس، فهو مملوء بالروح والبساطة والانسانية التي منحته إياها عدن كواحد من أبنائها، لم يتخل عن لغته الواضحة والبسيطة والمكتنزة بالمعاني والأفكار والأحاسيس العميقة.
من الصعب اختزال حياة محمود عراسي – رحمه الله – في بضع كلمات، أو حتى في مقال.. فحياته الحافلة بالأماكن والمواقف، والمحتفية بالحياة والناس من حوله تشمل حياة كاملة، وهي تتسع لتشمل أفكارا وكفاحا باعثهما الروح والعقل.. هذه النظرة التي صهرت أحلامنا وآمالنا ونظرتنا للحياة وعلاقتنا بالوطن والإنسان منذ كنا في ريعان الشباب، نؤسس لوعي يتحرك صوب فهم قضايانا السياسية والاجتماعية والاهتمام بحياة الناس والعالم من حولنا.. من القراءة إلى التنظيم إلى الكفاح والثورة.. إلى الإمساك بالسلطة.. إلى الخروج منها والسجن.. كل هذا تاريخ للرجل يحتاج لمن يكتبه إنصافا للرجل .. ولـ (أبو عبدالله) المناضل والصديق، ووفاءً له.