fbpx
كابوس المناطقية يهدد الحراك

بقلم | مروان الجوبعي

عندما أصلح الشعب ما أفسدته النخب بتصالحه وتسامحه وأنتقاله إلى مرحلة جديدة بعيداً عن الماضي وصراعاته كان يأمل أن تقوده نخبه مثقفة إلى الخلاص من هذا الوضع المأساوي، الذي نعيشه وللأسف يصر البعض إلا أن يظل في هذه الدائرة الضيقة، فكلّما حصل خلاف بين نخبنا أو نشطائنا نراهم يعودون إلى التخندق خلف المناطقية ويتهاوون بسرعة إلى هذا المستنقع.

فنرى البعض يدعي أنه الثوري ومن يخالفه الرأي ليس من الثورة بشيء والبعض الآخر يرى أن أبناء منطقته خط أحمر ولا يجوز لأحد ان ينتقدهم لأن هذا يخل بالتصالح والتسامح – مع أنه يقول في أبناء المناطق الأخرى أقذع الشتائم – وآخرين كلاً له أسبابه التي يبرر بها تمترسه وتقوقعه في هذه الدائرة الضيقة.

–         ولأنني أدرك حساسية الوضع في الجنوب ونفسيات نشطائه ونخبه على الأقل المريضة منها وهي ليست بالقليلة فقد كنتُ أيضاً مناطقي ولكن من نوع آخر – عندما أغضب كمواطن – أوجه النقد لكل ما هو ضالعي وأقصى ما وصلت اليه هو قاسم عسكر و صالح يحيى والبيض وكنت دائماً حريص إلا أن يوجه كلامي لهذا الأتجاه، لأن غيرهم سينظر إلى ما أقوله على أنهُ صادر عن حقد تاريخي لمنطقته.

فقد كنت أكثر قساوه على هؤلاء إلى حد التجريح أحياناً رغم إن الجنوب كله يعيش على وحل من الأخطاء.. والسلبي والإيجابي موجود في كل مكان ولا يقتصر على منطقة دون أخرى !

–         حتى يوم قصف مدرسة سناح في الضالع وإرتكاب المجزرة المروعة وبعدها قصف المدينة والقرى و يوم سقوط قذائف الجيش على منزل الشيخ ياسين وأسرته وقتل الأبرياء بالطرقات في الحبيلين من قِبل الجيش، غضبت وكان غضبي يتجه صوب علي قاسم طالب لمشاركته في هذه الجرائم وأحاول بقدر الإمكان أن أستثني الآخرين أمثال عبدربه منصور ومحمد ناصر أحمد وغيرهم حتى بعد أن صرّح ضبعان أنه يستلم توجيهات من وزير الدفاع والقائد الأعلى للقوات المسلحة “أبناء الجنوب” بررت لهم وأتهمت ضبعان أنه يريد خلق فتنه بين أبناء الجنوب – كان هذا يتم بنفس الوقت الذي أنتقد فيه شلال والشنفرة وغيرهم – وأستمر التبرير رغم صمتهم .. ورغم أعترافاتهم حيث جاء تصريح على لسان وزير الدفاع حينها أن ضبعان ينفذ أوامر القيادة ويقوم بواجبه “ويقصد ما قام فيه من مجازر في الضالع” تغاضيت وقلت ربما أن هذا تمويه لأقتلاع المجرم !! ولكن أثبتت الأيام أن المجرم أقرب إلى قلوبهم من أخوانهم وأبنائهم.

–         لم يكن تغاضينا وتبريرنا وأستثنائنا لهؤلاء الأشخاص نابع عن حب لشخصهم، ولكن كان هذا كله يحدث حتى لا نقول فيسيء البعض فهمنا ويظن فينا الظنون، تحاشينا ذكرهم حباً في أبين العزيزة على قلوبنا وأبنائها الأعزاء وحتى لا يستغل كلامنا أصحاب النفوس المريضة ويثيرون الفتنة كالعادة على أساس أن هذا نابع من حقد تاريخي كما يتوهموا ويروجوا دائماً كلّما أقترب احد من هذه الشخصيات المثيرة للجدل.

–         كان يجمعنا الهجوم على شلال وحراك الضالع مع بعض المثقفين والنشطاء من مختلف المناطق كلّما طلع منصة وألقى خطبة أو أساء التصرف أو أختلفوا.. أنتقدنا وسخرنا وتهكمنا ووصلنا أحيانا إلى حد التجريح الشخصي له ولرفاقه ولكن عندما كانت الضالع تقصف ويقتل أبنائها لم أرى ((هؤلاء)) يوجّهون أي نقد لهادي أو وزير دفاعه وهم على رأس جيش يقوم بهدم المدارس والبيوت على رؤوس الأبرياء، بل يشتاطون غضباً أن أحد عبر عن غضبه تجاههم، فنراهم يحتجوا على ذلك ويعتبرونه خرقاً لتصالح والتسامح!!

–         ينظروا إلى وجود شلال في المنصة جريمة تنسف التصالح والتسامح ويستنكرون وينددون بذلك إذن فكيف ستكون نظرتهم إليه اذا كان على رأس جيش يقصف أبين أو وزير دفاع جنوده يقتلون الأبرياء في زنجبار؟!

–         لست هنا بصدد الدفاع عن شلال أو غيره ولم أدافع عنه قط بل أكثر من أنتقده وأيضاً لهم الحق أن ينتقدوه ويقولوا رأيهم فيه كقيادي ويعبروا عن غضبهم تجاهه حينما يخطئ وسنكون معهم ولكن عليهم أن يدركوا أن من حق غيرهم أن يغضب وأن يعبر عن سخطه وغضبه تجاه هادي أو غيره فإذا كانوا يعتبرون وجود شلال في المنصة جريمة فجريمة هادي مشاركة في قتل الأبرياء.. وأيهما أعظم!!

–         حتى عندما يتعلق الأمر بقناة عدن لايف ومكتب البيض وفريق بيروت نرى كل اللوم يتوجه إلى يحيى غالب ولا نرى أحد من هؤلاء يتطرق إلى مدير القناة عبدالناصر الجعري ولا يذكر الخضر وغيرهم من المتواجدين في بيروت بالرغم أنهم هم من يرسمون سياسة القناة وهم من يتحكمون فيها وما يحيى غالب إلا فرد من مجموعة.

–         حتى أمر أخراج ردفان الدبيس وصلاح بن لغبر من القناة تعاملنا معه على أنه أمر عادي “رغم أن فيه ما فيه ” ولو كان حدث العكس لملئوا الدنيا بضجيجهم وقالوا أن هذا الأمر حدث نتيجة لحقد تاريخي كما يزعمون كل مرة.

–         عندما انحرف الناخبي عن ما يريده الشعب في الجنوب كل الجنوب هاجمه وشتمه بل نال النصيب الأكبر من أبناء جلدته وأهله وأقرب الناس إليه حتى أنه أصبح معزول تماما ولا يستطيع دخول منطقته ولم نرى ولو يافعي واحد يدافع عنه لانها تربطه علاقة به أو لانهٌ ينتمي الى منطقته.

أثبت أبناء يافع أن الوطن فوق الجميع فهل سيقتدي الأخرين بهم ؟ وهل سينظرون إلى الوطن كونه أهم من الأشخاص ؟ وهل سنتوجه باللوم للمخطئين يكونوا من كانوا دون أن ننظر إلى أنتماءاتهم ودون ان نتمترس كلاً خلف منطقته ؟

–         ندرك أن هناك من يعاني من عنجهية بعض المتعجرفين في الضالع ويتأثر من تصرفاتهم وحماقاتهم ونقدر ذلك ونشعر بما يشعرون وأيضاً على هؤلاء أن يدركوا أننا نعاني كثيراً ونتألم من تصرفات أبنائهم وعليهم ان يقدروا مشاعرنا ويشعروا بما نشعر به. لابد أن نكون صادقين مع انفسنا ووطننا وشعبنا وان نوبخ المخطئ كائناً من كان و نواجهه هو دون تعميم، لا أن نرضخ ونستسلم ويؤدي بنا الإحباط واليأس إلى نسف القاعدة التي نستقيم عليها فنغرق معاً.

–         ختاماً أوضح أنني لم أفتح هذا الموضوع الشائك جداً جداً عبثاً، إنما هو توضيح لأؤلئك الذين كلّما أختلفوا مع الآخرين عمموا عليهم كل سيئة وكأنهم ملائكة وغيرهم شياطين، وكلما واجهوا مشكلة في الطرف الآخر يعودون إلى نبش الماضي واستحضار مأسيه..

فل يعلموا إننا جميعاً عانينا ونعاني من حماقات أبناء جلدتنا بل أن ما نعانيه اليوم أشد وأعظم. رغم الأذى والأخطاء الذي يتسبب بها البعض علينا أن نصبر ونتحمل ونعالجها في إطار الوطن الكبير لا إن نتقوقع خلف متارس المناطقية ونهدم القاعدة المتينة الذي نقف عليها اليوم والتي بناها الشعب بجهوده وأخرجنا من مأسي أوقعتنا بها نخبنا السياسية.. لابد أن نستخدم الحكمة في هذه الظروف الصعبة والحساسة لأن مقابلة الفعل بردة فعل سيؤدي إلى خراب مالطا.

* صحيفة يافع نيوز الورقية