fbpx
“القاعدة” يخسر على أرض اليمن
شارك الخبر
“القاعدة” يخسر على أرض اليمن

يافع نيوز – المستقبل اللبنانية
لم يكن تنظيم “القاعدة” يتصور أن العمليات الأخيرة التي نفذها أخيرا، وجاءت كردة فعل على الانتصارات التي يحققها الجيش اليمني ضد التنظيم في مواقع عدة في محافظة أبين، جنوب البلاد، يمكن أن تجعل صورته مشوهة إلى هذا الحد. فبعد عدد من العمليات التي استهدفت الجنود اليمنيين في عدد من المناطق كان آخرها تلك التي أوقعت أكثر من 400 بين قتيل وجريح في مذبحة السبعين في العاصمة صنعاء أثناء تدريباتهم لعرض عسكري، بدا أن صورة تنظيم “القاعدة” اهتزت لدى المواطن الذي بدأ ينظر إليه كتنظيم دموي وأن ضرباته موجهة إلى اليمنيين أكثر من كونها موجهة ضد “العدو الافتراضي” في أدبيات التنظيم.
كان الهجوم الذي استهدف الجنود في ميدان السبعين في العاصمة صنعاء في الحادي والعشرين من شهر أيار (مايو) الجاري، ضربة قاصمة للتنظيم الذي ملأ الدنيا حديثاً وتصريحات ومواقف عن استهداف أعداء الأمة، فيما كافة العمليات التي نفذها على مدار عام كامل من المواجهات في اليمن لم تسفر عن مقتل “عدو أمة واحد” على الأقل بمفهوم التنظيم، وعوضاً عن ذلك تسببت العمليات التي نفذها التنظيم في مقتل المئات من الجنود اليمنيين، بعضهم ذبح كالخراف، مثلما حدث في منطقة دوفس في أبين في شباط (فبراير) الفائت عندما تم جز رقاب الجنود بالسكاكين بعد مباغتتهم في مواقعهم العسكرية وهم نيام.
لقد حاول تنظيم “القاعدة” تبرئة نفسه من الجريمة الأخيرة التي هزت مشاعر اليمنيين كافة، بعدما أكد أن العملية التي نفذها أحد أعضاء التنظيم كانت تستهدف من أسماهم “قادة الحرب الأميركية ضد إخواننا في أبين”، بحسب بيان صدر السبت.
وأكد التنظيم في بيان له تعليقاً على أحداث الإثنين الدامي أن “التحقيقات انتهت إلى أن من نحسبه شهيداً ولا نزكي على الله أحداً هيثم حميد حسين مفرح، قد وقع ضحية لشبكة من عملاء الصليبيين في جهاز الأمن القومي ممن تم دسهم بين المجاهدين”.
وبشّر التنظيم من أسماهم “المجاهدين المرابطين” أنه قد “تم اكتشاف الخلية التي عملت على استغلال شوق الشهيد هيثم حميد حسين مفرح للجنة والموت في سبيل الله، ولأن الشهيد رحمه الله كان دائماً ما يتحدث عن شوقه للجنة فقد تم العمل على إعداده لعملية كانت من المفترض أن تستهدف قادة الحرب الأميركية ضد إخواننا في اليمن، لكن عملاء الصليبيين قاموا باستبدال الحزام الناسف الذي ارتداه الشهيد بحزام آخر تم تفجيره عن بعد، قبل أن يتمكن الشهيد من الوصول إلى الهدف المقصود”.
على أن البيان الجديد للتنظيم حاول التغطية على الحدث الأكبر، المتمثل في استهداف الجندي هيثم مفرح تجمعاً للآلاف من زملائه في ميدان السبعين فحصد 100 قتيل وأكثر من 300 جريح، في عملية تعد نسخة ثانية من عملية مشابهة جرت في منطقة دوفس في محافظة أبين خلال شباط (فبراير) الفائت عندما قتل نحو 200 جندي، أثناء هجوم على أحد مواقع الجيش.
وخسر تنظيم “القاعدة” ما تبقى له من تعاطف عند بعض الناس، الذين ما زالوا يعتقدون أن التنظيم، لا يزال على مبادئ أسامة بن لادن والذي استهدف الأميركيين في عقر دارهم، إضافة إلى منازلتهم ومقارعتهم في الأراضي الأفغانية، رغم التحفظات على بعض العمليات التي تنفذ هنا أو هناك، وخاصة في الديار الإسلامية.
لقد أدرك اليمنيون أن تنظيم “القاعدة” وجه سلاحه إلى صدور اليمنيين أنفسهم، ولم يتم الإعلان عن أية عملية نفذت ضد “أعداء الأمة الإسلامية”، كما يدعي، واتضح أنهم يسعون إلى الحكم والحلول محل الدولة مثلما حدث في محافظة أبين عندما أنشأوا إمارة وقار الإسلامية عوضاً عن جعار، وبدأوا ممارسة مهام الدولة في مجال القضاء والأمن وغيرها من المجالات.
ووسع تنظيم “القاعدة” رقعة عدائه لتشمل الحوثيين في صعدة، بعدما نفذ عمليتين انتحاريتين في كل من الجوف وصعدة، حيث لم يكن في المكانين اللذين نفذتا فيهما أي “عدو للأمة الإسلامية”، بل مواطنون يمنيون، من بينهم إمرأة وطفلها، وجميعهم يدينون بالولاء للإسلام.
لهذا حاول التنظيم أن يخفف من وطأة الصدمة التي أصابت المواطنين بعد حادثة السبعين، من خلال الحديث عن أن التفجير كان يستهدف “قادة الحرب الأميركية” ضد أعضاء التنظيم في أبين، ومن أن هناك من اخترق الجماعات الجهادية، وهو تأكيد على أن التنظيم لم يعد محصناً ضد الاختراقات، سواء في أبين أو غيرها من المناطق.
لقد دفع تنظيم “القاعدة” ثمناً للاستعجال في التخلص من خصومه ، وبدأ يخسر الكثير من التعاطف الذي ظل التنظيم يحظى به في أوساط اليمنيين لبعض الفترات، وحديثه عن محاربته لأعداء الإسلام، خاصة بعد أن اتجه سلاحه إلى صدور الأبرياء من اليمنيين أنفسهم.
يجتاز تنظيم “القاعدة” في اليمن هذه الأيام مرحلة خطيرة من حضوره في الساحة، فبعد أسابيع قليلة من كشف وثائق تظهر قلق بن لادن من انهيار شعبية التنظيم في البلاد الإسلامية ومعارضته خطط “تنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب” في اليمن استهداف المدنيين وأفراد الجيش والأمن فيه، تكرس الأخطاء القاتلة التي وقع ويقع فيها التنظيم مخاوف بن لادن من اتساع خسارة التنظيم لتعاطف اليمنيين.
ويؤكد مراقبون أن تنظيم “القاعدة” الذي يخوض معركة شرسة مع قوات الجيش منذ استيلائه على عدد من المناطق في أبين، جنوب البلاد بعد تراخي قبضة نظام الرئيس السابق علي عبدالله صالح أثناء الاحتجاجات التي شهدتها البلاد العام قبل الفائت، بدأ يخسر أكثر وأكثر، ما يتيح للجيش فرصة تتبعه إلى كل مكان تلجأ إليه عناصره.
وبدا أن الطريقة التي أدار بها التنظيم بعض مناطق محافظة أبين، هي التي دفعت بالمواطنين إلى الالتفاف إلى جانب الجيش في مسعاه من أجل القضاء على التنظيم واستعادة هيبة الدولة التي فقدت خلال العام المنصرم

أخبار ذات صله