fbpx
المأزق الانتخابي في مصر… هل ينجح احد؟
شارك الخبر

رأي القدس العربي

يطرح البدء الرسمي للحملة الانتخابية الرئاسية في مصر اسئلة وتحديات صعبة على اطراف عديدة في العملية الانتخابية، ما يجعلها اقرب الى مأزق مركب يتجاوز حملتي المرشحين الوحيدين في السباق الى اللجنة العليا الانتخابية المسؤولة دستوريا عن نزاهتها، الى منظمات المجتمع المدني والاحزاب ووسائل الاعلام، وقبل هؤلاء جميعا اجهزة الدولة، وخاصة الامنية والاعلامية منها، التي يفترض ان يتسم اداؤها بالحياد والنزاهة والموضوعية، بينما هي تعرف كما نعرف جميعا اسم الفائز مسبقا.
انه اختبار قاس، في بلد مازال يخيم عليه تراث عقود من الحكم الشمولي، تعثر في استكمال اول تجربة ديمقراطية حقيقية كان يفترض ان تكون الثمرة الكبرى لثورة انهت حقبة مأساوية دامت ثلاثين عاما، وكسرت جدار الخوف الى غير رجعة، الا ان نتيجته محورية وحاسمة في صياغة شكل المرحلة المقبلة من الصراع السياسي الذي سيحدد بدوره المسار المرتقب اما الى تحول ديمقراطي لا يستثني احدا او الى نفق مظلم يبدو بلا نهاية.
وهذه قراءة سريعة لخريطة هذا المأزق الانتخابي:
– يوفر الاشراف المباشر لخمسة عشر الف قاض على العملية الانتخابية بمراقبة من ست جهات ومنظمات دولية، وعشرات المنظمات المحلية، ضمانات كافية من الناحية التقنية النظرية لمواجهة اي تزوير، الا ان هذا ما روجت له الماكينة الاعلامية الحكومية نفسها في الانتخابات الماضية، قبل ان تعود تلك الماكينة نفسها وتزعم حدوث تزوير واسع لصالح الدكتور محمد مرسي في المطابع الاميرية المملوكة للدولة، ولم يفسر احد هذا التناقض الى اليوم، وبالتالي يبقى هذا احتمالا واردا من الناحية النظرية ايضا.
– اثبتت التجربة ايضا عدم وجود آليات حقيقية لدى اللجنة العليا للانتخابات لمنع وقوع انتهاكات لقواعد الحملات الانتخابية. ويذكر كثيرون تصريحات المستشار حاتم بجاتو المسؤول في لجنة انتخابات 2012 التي قال فيها ان كافة المرشحين فيها انتهكوا القواعد الخاصة بالتمويل، اذ انفقوا عشرات الملايين على الدعاية. ومع ذلك لم تستطع اللجنة معاقبة اي منهم بسبب تلك الانتهاكات. فما الذي يمنع المرشحين من تكرار تلك الانتهاكات في هذا السباق.
– في ضوء ما سبق لم يكن غريبا ان يعلن حمدين صباحي الخبير بضعف اللجنة و’قلة حيلتها’ برنامجه الانتخابي في مؤتمر صحافي احتفالي، ويبدأ جولاته الانتخابية قبل ايام من بدء الحملة رسميا في انتهاك واضح للقواعد الانتخابية. كما سبقه المشير السيسي الى استقبال شخصيات وضيوف بصفته الانتخابية قبل ان يكون مرشحا رسميا في انتهاك مماثل، وان كان اقل فجاجة. 
– اما مأزق المرشحين، فلا يقل صعوبة، فقد قرر حمدين ان يخوض معركة، لا يكاد يعتقد احد غيره ومساعدوه انهم يمكن ان يفوز فيها، ما يطرح اسئلة حول اسبابه الحقيقية، واذا ما كان ينافس على رئاسة الجمهورية ليحظى برئاسة الحكومة، كما اتهمه البعض، رغم انه اكد مرارا انه ‘لن يقبل منصبا الا بالانتخاب’، الا ان تاريخه السياسي يزدحم بالخطابات والتحالفات المتناقضة.
– اما المشير السيسي فانه يخوض معركة انتخابية شبه سرية، حيث لا يعرف كثيرون مقار حملته الانتخابية، واكد مقربون منه انه لن يقوم بجولات انتخابية لاسباب امنية. فهل يمكن ان يفوز المرشح حقا، وهو سيفوز حتما، دون معركة بل دون ان تكون لديه حملة انتخابية حقيقية يلتقي فيها بالناس في مدنهم وقراهم. 
ومع التفهم لتردي الوضع الأمني في مصر اليوم، لكن ما الذي يمنع الشركة الامنية الخاصة التي اعتمد عليها حتى في توصيل التوكيلات الى مقر اللجنة الانتخابية من حمايته وهو يقوم بواجبه الانتخابي؟
– اما الجهاز الاعلامي الحكومي فقد فشل في الامتحان من اليوم الاول عندما قطع ارساله ليذيع خطابا انتخابيا للسيسي في اطار من الاغاني الحماسية المرتبطة بانتصار اكتوبر المجيد الذي لم يشارك المشير في صنعه. ومؤخرا استعان التلفزيون المصري بعناصر فلولية معروفة كان بعضها يقيم في الخارج ليقدم واجهة (جديدة- قديمة) لما يفترض انه حياد انتخابي.
واخيرا فانه من حق وسائل الاعلام الخاصة ان تنحاز الى اي من المرشحين، على ان تعلن ذلك بشفافية على جمهورها، لكن ليس من حق بعض تلك الوسائل ان تهبط بلغة التخاطب الى الدرك الاسفل املا في التملق للرئيس المقبل.
فهل تتوافرالارادة الحقيقية للجميع واولهم الدولة للنجاح كل في اختباره، ام ان النتيجة الحقيقية للانتخابات ستكون: لم ينجح احد.. سوى (المرشح الضرورة) بالطبع؟

أخبار ذات صله